على مدار 67 عامًا، هي عمر بطولة كأس آسيا لكرة القدم، حفر مجموعة من الأساطير أسماءهم بأحرف من نور في سجلات التاريخ، بفضل الإسهامات التي قدموها مع منتخباتهم الوطنية في البطولة القارية.
وعند الحديث عن الأساطير، فلابد من الإشارة إلى علي دائي، الهداف التاريخي لكأس أمم آسيا وللمنتخب الإيراني.
بدأ علي دائي رحلته مع التاريخ بعد أن تجاوز السابعة والعشرين من عمره وتحديداً مع بداية عام 1996، حيث لم يتجاوز رصيده من الأهداف مع المنتخب الإيراني قبل ذلك التاريخ، حاجز السبعة أهداف، قبل أن تتفجر موهبته بقوة منذ ذلك الحين، إذ قدم مجموعة من الإبداعات في ملاعب كرة القدم على مدار عقد من الزمان.
وأنهى دائي التصفيات المؤهلة لكأس أمم آسيا مسجلاً 12 هدفاً قبل أن يصبح بطلاً لبلاده في البطولة القارية بعدما نجح في هز شباك المنافسين في جميع المباريات الثلاث خلال دور المجموعات، قبل أن يقدم أفضل عروضه في دور الثمانية، حين تبادلت إيران وكوريا الجنوبية التسجيل لتتعادلا 2-2 قبل 24 دقيقة من نهاية المباراة عندما تقدم دائي ومنح إيران التقدم 3-2، وبعد ذلك نجح في تسجيل أحد أعظم الأهداف في تاريخ كأس آسيا، حيث استقبل تمريرة عرضية على حافة منطقة الجزاء ثم أطلق تسديدة مذهلة في الزاوية العليا للمرمى.
وحقق دائي لقب “هاتريك” في الدقيقة 83 قبل أن يحسم الفوز لإيران بنتيجة 6-2 بهدفه الرابع “سوبر هاتريك” من ضربة جزاء، بعد ذلك في الدور قبل النهائي تعرض المنتخب الإيراني للخسارة بركلات الترجيح أمام السعودية، التي توجت باللقب في نهاية المطاف، لكن دائي سجل مرة أخرى في مباراة تحديد المركز الثالث أمام الكويت ليتصدر قائمة الهدافين برصيد ثمانية أهداف.
وعلى الرغم من أن دائي سجل ثلاثة أهداف في كل نسخة من كأس أمم آسيا عندما كان قائداً لمنتخب بلاده عام 2000 ثم في نسخة 2004 عندما حصل الفريق على المركز الثالث مرة أخرى، إلا أن لقب البطولة بقي بعيد المنال بالنسبة للنجم الإيراني، ولكن ليس هناك شك في أن الهداف التاريخي لكأس آسيا، برصيد 14 هدفاً، ترك بصمة لا تمحى في القارة الصفراء حيث أنهى مسيرته الدولية بعد تسجيل 109 أهداف لبلاده، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الآسيوي.
وفرض يونس محمود أسطورة الكرة العراقية اسمه بقوة على ساحة الأساطير بفضل الدور المحوري الذي قدمه عندما أذهل أسود الرافدين العالم وحققوا لقبهم الأول على الإطلاق في كأس آسيا بفوزهم على السعودية المرشحة للقب البطولة على ستاد جيلورا بونغ كارنو في جاكرتا عام 2007، حيث كان المهاجم يونس محمود البالغ من العمر 24 عاماً آنذاك، هو بالفعل القائد الحقيقي للتشكيلة العراقية.
وكان محمود على أهبة الاستعداد عندما بدأ العراق مشواره القاري بالتعادل 1-1 مع تايلاند المضيفة، وبعد أن تأهل الفريق إلى الأدوار الإقصائية بفوزه على أستراليا وتعادله سلبياً مع عُمان، كانت فيتنام، الدولة المضيفة الأخرى، هي منافسة العراق في دور الثمانية، وسجل محمود هدف التقدم للعراق في الدقيقة الثانية من ضربة رأس خاطفة مستغلاً تمريرة نشأت أكرم، قبل أن يسدد ركلة حرة خلال الشوط الثاني من فوق الحائط الفيتنامي لتتجاوز الحارس دونغ هونغ سون وتسكن الشباك ليفوز العراق بهدفين دون رد.
وفاز منتخب العراق على كوريا الجنوبية بركلات الترجيح في قبل النهائي ثم سجل محمود الهدف الأهم في تاريخ العراق، حيث تابع الكرة القادمة من ركلة ركنية نفذها هوار ملا محمد، على القائم البعيد ليحولها برأسه إلى داخل الشباك في الدقيقة 72 من المباراة النهائية، ليفوز المنتخب العراقي على السعودية ويتوج باللقب.
وفاز محمود بجائزة الحذاء الذهبي للهداف، وحصل على جائزة أفضل لاعب في البطولة في نسخة عام 2007، كما أنه يبقى اللاعب الوحيد الذي سجل في أربع نسخ مختلفة من كأس آسيا، وحمل شارة قائد منتخب العراق في ثلاث من تلك النسخ.
ومن بين أساطير كأس آسيا، يوجد اسم السعودي صالح النعيمة، أحد أكثر المدافعين البارزين في آسيا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، سواء كان ذلك مع ناديه الهلال أو مع المنتخب السعودي الذي فاز معه بكأس آسيا عامي 1984 و1988.
وبدأ النعيمة مسيرته مع نادي الهلال في الرياض عام 1976، وقاد منتخب الصقور الخضراء في أول ظهور له في كأس آسيا عام 1984، وساهم في الفوز التاريخي على الصين بهدفين دون رد لترفع السعودية اللقب القاري الثمين في سنغافورة.
ومع تألق النعيمة في خط الدفاع، تلقت شباك السعودية ثلاثة أهداف فقط في ست مباريات في الطريق إلى اللقب الأول على الإطلاق في كأس آسيا، بينما سجل قائدهم البالغ من العمر 27 عاماً ، آنذاك ، أيضاً من ركلة جزاء، حيث تغلبت الصقور الخضراء في قبل النهائي على إيران التي كانت فازت باللقب القاري ثلاث مرات من قبل.
بعد أربع سنوات، كرر التاريخ نفسه عندما فازت السعودية، تحت قيادة المدرب البرازيلي الأسطوري كارلوس ألبرتو بيريرا، بلقبها الثاني في المشاركة الثانية لها، هذه المرة بفوزها على جمهورية كوريا بركلات الترجيح، حيث جرى حسم المباراة النهائية لكأس أمم آسيا للمرة الأولى بركلات الترجيح في عام 1988.
وتألق النعيمة مرة أخرى في قيادة خط الدفاع، حيث لم تتلق شباك المنتخب السعودي هذه المرة سوى هدف واحد في ست مباريات، ولم يتلق مرمى الفريق أي هدف في الأدوار الإقصائية. وسجل النعيمة مرة أخرى من ركلة جزاء في المباراة النهائية ضد الكوريين، ليعزز الفوز مكانته كلاعب سعودي مذهل وأحد نجوم كأس آسيا.
ولا يمكن نسيان الدور المذهل الذي لعبه شونسوكي ناكامورا مع منتخب اليابان، حيث جاء الظهور الأول له في كأس آسيا عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً، في عام 2000، حينما فازت اليابان بلقبها الثاني بعد تغلبها على السعودية بهدف في النهائي في بيروت، ولكن بعد مرور أربع سنوات، ظهر لاعب خط الوسط المهاجم في واجهة البطولة.
بدأ ناكامورا، الذي كان يلعب آنذاك مع ريجينا الإيطالي، البطولة بأسلوب رائع عبر تسجيل هدف الفوز الرائع على عُمان قبل أن يسجل في مرمى تايلاند في المباراة التالية. ثم تغلبت اليابان على الأردن والبحرين لتضرب موعداً في المباراة النهائية ضد الصين المضيفة.
وواجه اليابانيون الصين أمام جماهير متحمسة بلغت 62 ألف مشجع على ستاد العمال في بكين، لكن منتخب الساموراي الأزرق، بقيادة لاعب خط الوسط ناكامورا، تغلب على أصحاب الأرض بنتيجة 3-1 ليدافع بنجاح عن لقبه.
وساهم ناكامورا الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 26 عاماً، في جميع أهداف اليابان الثلاثة، حيث اشترك في الركلة الحرة التي افتتح منها تاكاشي فوكونيشي التسجيل قبل أن يقدم تمريرتين حاسمتين لكوجي ناكاتا وكيجي تامادا، وقد أكسبته عروضه جائزة أفضل لاعب في تلك النسخة.
وفي عام 2007، حيث كان يلعب آنذاك مع سيلتك الإسكتلندي، سجل ناكامورا هدفين وصنع هدفين وكان مرة أخرى عنصراً أساسياً في منتخب اليابان، لكن بعد فوز لا يُنسى في دور الثمانية على أستراليا، خسر الساموراي أمام السعودية في الدور قبل النهائي واضطروا في النهاية إلى الاكتفاء بالمركز الرابع.
وساهم تيم كاهيل كذلك بقوة في تتويج منتخب أستراليا بلقبه الوحيد في كأس آسيا عام 2015، بعد ظهوره للمرة الأولى في البطولة القارية عام 2007، وكان ضمن التشكيلة التي خسرت نهائي عام 2011.
كانت نسخة 2007 في جنوب شرق آسيا هي أول ظهور لأستراليا في كأس آسيا، واحتفل كاهيل بهذه المناسبة بتسجيل أول هدف للبلاد على الإطلاق، وكان هدف التعادل في الوقت بدل الضائع للمباراة أمام عمان في أول ظهور لهم، لتنطلق احتفاليته الشهيرة على راية علم الركلة الركنية.
وخرجت أستراليا من دور الثمانية على يد اليابان، لكنها عادت بقوة بعد أربع سنوات حيث أصبح لاعب إيفرتون هو اللاعب الأكثر تأثيراً، وسجل كاهيل هدفين ليقود أستراليا للفوز على الهند 4-1 في المباراة الافتتاحية ثم لعب دوراً محورياً في رحلتهم إلى النهائي.
لكن الخسارة أمام اليابان في الوقت الإضافي في المباراة النهائية، أنهت قصتهم الخيالية، بعد ذلك وبعمر 35 عاماً، عاد كاهيل إلى البطولة القارية على أرضه مع منتخب أستراليا بقيادة المدرب أنجي بوستيكوغلو في عام 2015، وسجل هدفاً في المباراة الافتتاحية لفريقه في دور المجموعات للمرة الثالثة على التوالي.
وقدم كاهيل بعد ذلك أفضل أداء له في كأس آسيا، حيث سجل هدفي الفوز في دور الثمانية أمام الصين، بما في ذلك تسديدة خلفية مزدوجة مذهلة.
كان النهائي بمثابة وداع مثالي لكأس آسيا لكاهيل، حيث تغلب الفريق المضيف على كوريا الجنوبية 2-1 بعد الوقت الإضافي ليحقق اللقب أمام أكثر من 76 ألف مشجع حضروا المواجهة.
(د ب أ)