لم ير رافاييل نادال نهايةً لكابوس الإصابات سوى في الأول من كانون الأول/ديسمبر الجاري، عندما أدرك بأن الإصابات التي داهمته قد انتهت، وأن واقعًا جديدًا بدأ.
وكان 2023 عامًا ينذر بنهاية مسيرته، لكن أفضل رياضي إسباني على الإطلاق، وبعد موسم خال من المنافسات، عاد ليعلن عن موعد عودته للملاعب.
واختار نادال (37 عامًا) شبكات التواصل الاجتماعي لبث الرسالة الأكثر انتظارًا، والخاصة بعودته القريبة، في الوقت الذي يهيمن فيه غريمه الصربي نوفاك ديوكوفيتش على الملاعب، ليختتم العام بتتويجه بلقب البطولة الختامية لموسم لاعبي التنس المحترفين، والذي شهد فوزه بثلاثة ألقاب كبرى، رغم أن ضوءه خفت، بعد خسارته أمام إيطاليا في كأس ديفيز.
وأعلن نادال عن استعداده للعودة في بطولة بريسبن، في الأسبوع الأول من كانون الثاني/يناير المقبل، لتكون نقطة الانطلاق الجديدة، ليصبح جاهزًا للعب بعد فترة طويلة من الغياب، بسبب إصابة لا نهاية لها في الساق اليسرى.
ويكثف النجم الإسباني من استعداداته للعودة، لكن مع عودته لن يجد أن الكثير من الأمور قد تغيرت، فصاحب الـ22 لقبًا للغراند سلام، سيرى أن ديوكوفيتش ما يزال هو المسيطر على المستطيل، فهذا الجيل الذي أُطلق عليه الواعد، والذي كان ينتظر منه أن يقوم بتغيير في نظام المنافسة، ما يزال يظل عاجزًا، عامًا بعد عام، عن مقارعة الكبار القدامى، رغم ما يقدمه لاعبوه من أداء جيد في الملاعب، كالروسي دانييل ميدفيديف والألماني ألكسندر زفيريف واليوناني ستيفانوس تسيتسيباس، رغم أن الجيل الأحدث، الأكثر موهبة وجرأة، بقيادة كارلوس ألكاراز ويانيك سينير وهولغر رونه، ما يزالوا يشقون طريقهم للوصول إلى القمة.
ويعود نادال للملاعب عبر بوابة بريسبن، وصدارة التصنيف هي نفسها لم تتغير، حيث يهيمن الصربي ديوكوفيتش عليها لأكثر من 400 أسبوع، في رقم قياسي.
واستغل النجم الصربي، صاحب الـ36 عامًا، توديع السويسري روجيه فيدرير للملاعب وإصابات نادال لفرض سطوته على التنس، حيث يمتلك الآن 24 لقبًا للغراند سلام، فلا يبدو أن الوقت يمر بالنسبة للاعب المولود في بلغراد، والذي أنهى عام 2023 بسلسلة إنجازات هي الأفضل في مسيرته وبمستوى مذهل للتنس، لا يمكن للخصوم الوصول إليه، وقد كان على بعد خطوة واحدة من تحقيق حلم الفوز بالبطولات الأربع في موسم واحد، لكن طموح الإسباني الصاعد كارلوس ألكاراز حرمه من ذلك، حينما كان يمر بواحدة من أفضل فتراته في الموسم، ليقتنص منه لقب بطولة ويمبلدون الكبرى المقامة على الملاعب العشبية، بعد مباراة نهائي مثيرة بين الطرفين وانتهت لصالح اللاعب الصاعد، ليحرم نوفاك من الفوز ببطولته المفضلة.
واللاعب الصربي أنهى العام برصيد سبع هزائم فقط في 63 مباراة، وقد توج بسبعة ألقاب في عام 2023، من بينها أستراليا المفتوحة الكبرى وأمريكا المفتوحة الكبرى ورولان غاروس والبطولة الختامية وبطولة باريس للأساتذة وسينسيناتي للأساتذة وأديلايد، ولم يخسر مباراة نهائي سوى في ويمبلدون.
ولم يحقق “نولي” نجاحات أكبر سوى في عامي 2015، حينما فاز بـ11 لقبًا، وفي 2011، حينما توج بـ10 ألقاب، في ذروة نضجه.
ويحمل نوفاك في المجمل 98 لقبًا طوال مسيرته الاحترافية، تعكس الطموح الدائم للاعب، ليكون الأفضل في كل مرة ينزل فيها إلى الملعب، ليظهر صراعًا لا نهاية له ضد نفسه، كل مباراة تمثل تحديًا له، وكل بطولة أيضًا، فهو يواجه عمره ويراهن ضد التاريخ، ويصارع الشكوك التي تطارده بإصرار وطموح.
وعودة نادال تثير الحنين من جديد، فالنجم الإسباني يتحلى الآن بالحذر بعد عام من الانقطاع عن المنافسة، وقد أصبحت أهدافه بعيدة كل البعد عن أهداف الأمس، عندما كان يهدف في كل بطولة إلى أن يكون الأفضل.
والآن، وبعد أن أصبح في أعماق التصنيف العالمي، ينوي “الماتادور” اللعب مرةً أخرى، والمنافسة مرة أخرى، وقد حدد عام 2024 ليكون الخاتمة، دون أن يضع أرقامًا أو أهدافًا كبيرةً.
ومع ذلك، فإن عودته تعيد إثارة حنين الماضي لأولئك الذين يستحضرون الزمن القديم ويشتاقون للمبارزات التي لا تتكرر بين نادال وديوكوفيتش، حيث سجلا أروع صفحات الرياضة، ومعارك “الثلاثة الكبار”، وهيمنتهم في رياضة المضرب.
وبالتأكيد لن يكون نادال هو ذلك الفتى الذي كان يقدم أروع المبارزات حينما كان شابًا، لكن العالم ينتظر عودة “الماتادور” مجددًا، الذي كان يعتبر الوحيد القادر على إيقاف “الإعصار” الصربي.
(إفي)