لا يمكن أن يكون هناك سوى القليل من الأماكن في كرة القدم، مخيفة أكثر من التواجد على مسافة 10 ياردات من كيليان مبابي، حيث تبدأ أرجل الفرنسي في الانطلاق بسرعة الضوء.
وبالنسبة لسفيان أمرابط، كان الوضع أسوأ من ذلك، كون آمال بلاده في التأهل لنهائي كأس العالم، كانت معلقة بخيط رفيع.
وقال لاعب خط الوسط لاحقًا لصحيفة “The Athletic”: “لقد كانت النتيجة 1-0، وكنت أعلم أنه إذا جعلوا النتيجة 2-0، ستنتهي المباراة.. كنا قريبين للغاية من بلوغ النهائي.. لذا وضعت كل ما أملك في هذا السباق.. ذلك التدخل كان الطريقة الوحيدة لإيقافه، ثم سمعت هدير الملعب، كان الجمهور يحتفل وكأنه هدف”.
ولم ينجح المغرب في التأهل تلك الليلة، لكن يمكن القول إن تغلب أمرابط على مبابي أصبح لحظة حاسمة في مسيرة لاعب خط الوسط حتى الآن.
ليس من الحكمة بشكل عام استخلاص الكثير من الاستنتاجات من مقاطع كرة القدم القصيرة التي أصبحت مثيرة للاهتمام على الإنترنت، ولكن إذا قمت بتقييم مسيرة أمرابط المهنية حتى الآن، يبدو أن هذا المقطع القصير يكشف عن حقيقتين لا يمكن إنكارهما حول لاعب يونايتد الجديد.
الأولى، تعطشه المذهل للفوز، والثانية، تصميمه على الوصول إلى حيث يريد أن يكون.
“لقد كانت هناك تحولات وتطورات كبيرة”، هذا ما قاله مؤلف كتاب “أقدام الحرباء”، قصة كرة القدم الأفريقية، إيان هوكي، عندما سُئل عن صعود أمرابط.
وتابع: “إنه يغطي مساحة كبيرة من الملعب، كما لو كان يمتلك محرك مذهل.. في هولندا، تم الاستعانة به في مراكز مختلفة بسبب تعدد استخداماته، مثل الظهير.. شقيقه الأكبر، نور الدين، قال عنه إنه نشأ وهو يريد أن يكون مثل زين الدين زيدان وأندريس إنييستا، قبل أن يبدأ بعد ذلك في دراسة لاعبين مثل يايا توريه وتياجو موتا”.
وأردف: “أعلم أن مدرب منتخب المغرب، وليد الركراكي، لم يتردد على الإطلاق قبل كأس العالم، في قول إن هذا اللاعب حاسم وقادر على قيادة الفريق.. لقد كرّس الكثير من الطاقة والوقت لأمرابط.. لقد ذهب إلى فلورنسا، وخصص يومين أو ثلاثة أيام للجلوس والتحدث مع أمرابط والتحدث معه حول الشؤون الفنية”.
وحظي إيمان الركراكي بمكافأة كبيرة في قطر.
ركض أمرابط أكثر من أي شخص آخر في المسابقة بأكملها، أكثر من 80 كيلو مترًا، لقد حقق أكبر عدد من “استعادة الكرة” خلال البطولة.
وفي الانتصارات على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، كان أداء وذكاء سفيان محورًا أساسيًا في قدرة منتخب “أسود الأطلس” على إيقاف خطورة لاعبين من الطراز العالمي مثل كيفين دي بروين وبيدري وبرونو فرنانديز.
وتابع هوكي: “لست متأكدًا مما إذا كان بإمكاني أن أتذكر، في الآونة الأخيرة، كيف قفز لاعب كرة قدم إلى هذا الحد من حيث المكانة في كأس العالم.. تأثير هذا المنتخب على أفريقيا بأكملها واضح وكبير.. كان هناك سقف لأندية أفريقيا فيما يخص الأدوار الإقصائية من كأس العالم.. سفيان مع المغرب كسر ذلك بالوصول إلى نصف النهائي”.
لا شك أن بطولة كأس العالم قد وضعت اسم أمرابط بشكل أكثر وضوحًا في تقارير شائعات الانتقالات، وأشار هوكي إلى أن الموسم الأخير للاعب مع فيورنتينا دعم كل تلك الانطباعات الإيجابية.
وصل فريق “فيولا” إلى نهائي كأس إيطاليا والدوري الأوروبي، لكنه خسر أمام إنتر ووست هام يونايتد على الترتيب.
وقاتل أمرابط بشكل رائع ضد ديكلان رايس، متوسط ميدان وقائد وست هام حينها، الذي انتقل بعدها إلى أرسنال مقابل 100 مليون جنيه إسترليني.
وفي جميع أنحاء أوروبا، هناك الكثيرون على دراية بمواهب لاعب خط الوسط القتالي، ومن بينهم بالطبع إريك تين هاغ، حيث عمل الثنائي معًا في أوتريخت.
وقال سفيان لاحقًا: “العمل مع تين هاغ كان مهمًا للغاية بالنسبة لي.. لقد كان عامي الثاني مع الفريق الأول.. لقد وضع خطة مخصصة لي.. سألني عن نقاط قوتي وما أريد تحسينه.. منذ اليوم الأول كان مشغولًا بي، ليس أنا فقط، بل جميع اللاعبين.. هو يخصص الكثير من الوقت للعمل الفردي.. هو يؤمن بأنه إذا كان الفرد أفضل، سيكون الفريق أفضل”.
وتابع: “بعد كل مباراة، كان يشرح لي عبر مقطع فيديو كل شيء.. كان عمري 18 أو 19 عامًا، وكنت أشعر بالملل والضيق وقتها، لكن الآن، عندما أنظر إلى الخلف، أعلم أن ما فعله كان مهمًا جدًا لمسيرتي المهنية.. لقد تعلمت منه الكثير”.
فترات لاحقة في فينورد وكلوب بروج وهيلاس فيرونا (إعارة)، ثم فيورنتينا، طورت اللاعب إلى قائد شامل.
ومن المهم أن نلاحظ أن أمرابط ليس مجرد لاعب قوي بدنيًا ومقاتل ولديه مهارات فنية، بل هو أيضًا لاعب ذكي، ففي فريق فيورنتينا الذي يعتمد على الاستحواذ، تم تصنيفه ضمن أفضل 10 لاعبين في الدوري الإيطالي من حيث دقة التمرير في نصف ملعب المنافس، كما حصل على تقييم عالي فيما يخص الكرات الأمامية تجاه مرمى المنافس إلى داخل منطقة الجزاء.
وبعيدًا عن الإحصائيات، هناك دائمًا أشياء غير ملموسة.
ويعلم كل مشجع ليونايتد أنه لا توجد ضمانات عندما يتعلق الأمر بوصول اللاعبين الجدد إلى “أولد ترافورد”، والمعايير العالية التي تفرضها أمجاد الماضي.
لكن هناك علامات! لا يمكنك الانتصار في مطاردة مبابي، أو إسقاط زلاتان إبراهيموفيتش (فعلها ضد ميلان في الدوري الإيطالي)، دون أن تكون لاعب جيد وقوي بالفعل!.
وأكمل هوكي: “هناك اختلاف في إيقاع الدوري الإنجليزي عن إيقاع أي مسابقة خاضها سفيان من قبل!، لكنه، قارئ جيد للمباريات.. سأكون مهتمًا برؤية ما سيفعله في إنجلترا.. سأكون مهتمًا أيضًا بمعرفة كيف سيتعاون مع كاسيميرو”.
تألق أمرابط مع منتخب المغرب في كأس العالم 2022 ينتظر تأكيد في أفريقيا
وأضاف هوكي: “هذا الموسم، ستكون لبطولة كأس الأمم الأفريقية أولوية كبيرة بالنسبة له، لإظهار أن التألق في كأس العالم ليست مجرد صدفة.. بالنسبة لجيله، من المهم الحفاظ على الزخم والفوز باللقب”.
وتابع: “ويمتلك المغرب تاريخ سيئ للغاية في كأس الأمم الأفريقية، حيث فازوا بها مرة واحدة فقط في عام 1976.. وعلى الورق، إذا تمكنوا من اللعب بالفعالية التي أظهروها في كأس العالم، فسيصلون على الأقل إلى دور نصف النهائي”.
جاء الظهور الأول لأمرابط مع يونايتد خلال الفوز 1-0 على بيرنلي في أيلول/سبتمبر، حيث لعب دقائق قليلة أخيرة من مركز الظهير الأيسر، مما يؤكد على تنوعه الذي لاحظه هوكي خلال أيامه الأولى في الدوري الهولندي.
وفي الأسابيع المقبلة، يأمل مشجعو يونايتد أن يتمكن المغربي من دعم وسط الفريق بفضل فنياته وخبراته.
كلما وأينما اختار إريك تين هاغ الاستعانة بسفيان أمرابط، من الواضح أن الفريق لديه لاعب قادر على إنجاز أي مهمة يكلف بها.. فقط اسألوا كيليان مبابي!.
(موقع مانشستر يونايتد)