بعد 5 محاولات سابقة لتنظيم المونديال، لم تكلل بالنجاح، استطاع المغرب أخيرًا أن يربح رهان تنظيم أكبر بطولة كروية، ضمن ملف مشترك يجمعه بدولتي شبه جزيرة إيبيريا، إسبانيا والبرتغال.
وأعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم، أمس الأربعاء، أنه الملف الوحيد الذي تم قبوله، رغم إشارة الفيفا إلى أن المونديال سينظم في 3 قارات لأول مرة.
وعكس ما كان منتظرًا بانتظار تصويت الجمعية العمومية للفيفا، التي تضمّ كل الدول الأعضاء كما جرى عام 2018 عندما تم اختيار الملف الأمريكي الشمالي لتنظيم نسخة 2026، فإن نسخة 2030 تم الإعلان عن منظميها قبل عام تقريباً من الموعد المرتقب، أي قبل اجتماع الجمعية العمومية الذي كان مخططاً له في الربع الأخير من 2024.
الاختيار وقع بعدما انتهى موعد تقديم ملفات الترشح لاستضافة كأس العالم 2030، ليعلن فيفا أن ملف المغرب والبرتغال وإسبانيا هو الملف الوحيد الذي تم التقدم به لتنظيم المونديال، بتوافق مع الاتحادات الأوروبية والإفريقية والأمريكية، بينما أجلت السعودية ملف الترشح لعام 2034.
لماذا تم سحب ملف أمريكا الجنوبية؟
أسباب عدم تقدم دول الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي وتشيلي، بملفهم بشكل رسمي، تعود لأسباب مادية، رغم أن هذا الملف كان أول من تمّ الإعلان عنه عام 2017 لتنظيم المونديال، كما تم الإعلان عن تصميم شعار الملف متضمنًا كلمة “معًا”.
وكان رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم أليخاندرو دومينغيز، يكرّر على مدار أشهر بضرورة تنظيم المونديال في القارة حيث بدأ لأول مرة عام 1930، لكنه صرّح أمس أن الملف لا يمكنه أن ينافس بسبب صعوبة الالتزام بتمويل الحدث.
لكن في النهاية، لم يكن نصيب أمريكا الجنوبية سوى المباريات الـ3 الأولى من مونديال 2030، بالإضافة إلى حفل الافتتاح.
وظهر دومينغيز فرحًا بهذا القرار ونشر على تويتر تغريدات تحتفي بعودة التنظيم لهذه القارة، لكن عدة مغردين ردوا عليه أن التنظيم الحقيقي لم تفز به القارة.
عانى الملف الأمريكي-الجنوبي من عدة تحديات، أولها الوضع الاقتصادي للدول المرشحة، فمعدل التضخم ارتفع في الأرجنتين إلى 108% شهر أبريل/نيسان الماضي، ما أدى لزيادة التوترات السياسية.
وعاشت باراغواي على وقع أزمة سياسية واحتجاجات عنيفة بعد نتائج الانتخابات الرئاسية لهذا العام، فيما عاشت تشيلي أزمة اجتماعية كبيرة وصلت حد احتجاجات عنيفة بين 2019 و2022 أدت لسقوط قتلى وآلاف الجرحى والمعتقلين.
عوامل لعبت لصالح المغرب
كان المغرب طوال محاولاته السابقة لتنظيم المونديال يقدم ملفًا خاصًا به، لكنه أخفق في كل مرة. آخر محاولة كانت مع مونديال 2026 لكن الفارق بينه وبين الملف الأمريكي-الجنوبي كان كبيرًا (65 صوتاً مقابل 134 صوتًا).
لذلك كان المغرب بحاجة لتنظيم مشترك، وهو عائق كبير بسبب الظروف السياسية في المنطقة المغاربية بسبب قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط، أو بسبب إشكاليات البنى التحتية في عدة دول في هذه المنطقة، وعدم وجود اهتمام جدي من عدة بلدان في محيط المغرب الإفريقي بتنظيم المونديال.
واستفاد المغرب من انسحاب أوكرانيا التي كان من المخطط أن تكون ضمن الملف الأوروبي، بسبب ظروف الغزو الروسي، ومن عدم تقدم أيّ دولة أوروبية أخرى لتعويضها، رغم أنه من الناحية النظرية كان يمكن للمغرب وأوكرانيا أن يتواجدا معًا في الملف إلى جانب إسبانيا والبرتغال، خصوصًا أن مدريد كانت تدعم منذ البداية وجود المغرب في الملف.
وجاءت هذه الاستفادة المغربية في ظل تحسن العلاقات مع إسبانيا التي تتقدم ملف الترشيح، واستفاد المغرب كذلك من القرب الجغرافي مع إسبانيا والبرتغال، وكذلك لعبت تجاربه السابقة في محاولة تنظيم المونديال دورًا في تقوية موقفه، فضلاً عن تطوّر اللعبة في المغرب.
ومن عوامل الاستفادة كذلك، تنظيم المغرب المرتقب لكأس إفريقيا عام 2025، وتنظيمه سابقًا لعدة نسخ من مونديال الأندية، كما أن البنى التحتية كالملاعب والفنادق والمطارات تحسنت بشكل كبير عن ما كان عليه الأمر سابقاً، حسب تقرير وفد فيفا للبلد إبان ترشح البلد لتنظيم مونديال 2026.
ولم يعلن بعد عن حصص المغرب من مباريات المونديال، كما لم يعلن عن ملاعبه التي ستحتضن النهائيات، لكن من شبه المؤكد أن المباراة الافتتاحية ستكون في أمريكا الجنوبية لحرص فيفا على احتفالية المونديال، كما أن الإعلام الإسباني يتوقع أن تكون المباراة النهائية في مدريد.
(دويتشه فيله)