سلط تواجد البرتغالي كريستيانو رونالدو الضوء على الدوري السعودي لكرة القدم، بعد قدومه منتصف الموسم بصفقة خيالية، لكن حسابات التسويق لم تتطابق مع الآمال المعقودة من ناديه النصر الخارج صفر اليدين من جميع البطولات المحلية.
ووصل أفضل لاعب في العالم خمس مرّات إلى النصر في كانون الثاني/يناير الماضي في صفقة تقدّر بأكثر من 440 مليون يورو حتى حزيران/يونيو 2025، في باكورة مشروع رياضي ضخم، يُتوقع أن يستقطب أيضاً الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وشكّلت الصفقة من الناحية الإعلامية منعرجاً إيجابياً للدوري السعودي غير المعروف عالمياً، إذ تهافت السعوديون والأجانب على حضور مباريات الـ«دون»، وأوفدت وسائل إعلام دولية مراسليها لتغطية مبارياته بدوري روشن السعودي، لكنّ الصفقة الكبيرة، التي موّلها صندوق الاستثمارات العامة السعودي الثري، لم تنعكس رياضياً على أرض الملعب بالنسبة لجمهور النصر على الأقل، إذ خسر النادي الملقب بـ«العالمي» البطولات المحلية الثلاث تباعاً، فبعد أقل من شهر على وصوله، خسر النصر فرصة الفوز بالكأس السوبر، بالخسارة أمام اتحاد جدة في الرياض.
واعتبر مدير تحرير صحيفة “الرياضية” البارزة، مقبل الزبني، أنّ النصر ورونالدو «عاشا موسماً محبطاً. كانا بحاجة إلى بطولة واحدة على الأقل».
وحلّ النصر ثانياً في الدوري خلف اتحاد جدّة، ما يؤهله للمشاركة في تصفيات دوري أبطال آسيا.
وسجّل رونالدو 14 هدفاً من بينها 5 ركلات جزاء، لكن ذلك لم يكن كافياً ليفوز النصر بالدوري المتوّج به للمرّة الأخيرة في 2019.
وأضاف أنّ «رونالدو حاول مع النصر وأظهر روحاً قتالية، لكن الكرة لعبة جماعية. إذا لم تكن هناك مجموعة قوية، فلن يكون هناك فوز».
وأشار الزبني إلى عمر رونالدو «38 عاماً»: «لا ننسى أن رونالدو نفسه ليس رونالدو السابق. كبر في السن وبات غير قادر على حمل فريق بمفرده وبالتالي لن ينجح وحده».
ونجح نجم ريال مدريد الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي السابق بأهدافه في حسم 10 نقاط لمصلحة النصر في الدوري.
ورغم ذلك، اعتبر الإعلامي الرياضي حواس العايد أنّ رونالدو بدا «تائهاً وضائعاً» مع النصر.
وتابع: «في كثير من المباريات كان من الصعب تحديد موقعه في الملعب».
ومع تسديدة طائشة لرونالدو خارج الثلاث خشبات في تعادل مخيّب أمام الخليج المتواضع قبل أسبوعين، أعرب المشجع مبارك الشهري عن إحباطه حيال «أداء سيئ وغير مفهوم» من رونالدو الذي لم يسجّل في تلك الليلة.
وفي مؤتمر تقديمه في يناير، وصف رونالدو نفسه بأنه لاعب «فريد»، لكنّ إدارة النصر أخطأت حين راهنت على رونالدو وحده، بحسب متابعين.
وقال الإعلامي العايد: «كان يجب جلب لاعبين مساعدين لرونالدو لإخراج أفضل ما لديه»، مشيراً إلى أن الإدارة فوّتت «فرصة تدعيم الفريق بشكل أفضل في الشتاء».
ويحق لكل نادٍ سعودي تسجيل ثمانية أجانب، وهي فرصة تستغلها الأندية السعودية عادة لضم عدة عناصر مميزة.
وبخلاف رونالدو، لم يبرز في النصر سوى البرازيلي تاليسكا. وافتقد الفريق في شكل واضح لأجنحة هجومية فعّالة.
وعجز رونالدو عن قيادة النصر لاستعادة الألقاب الغائبة عن خزائنه منذ ثلاث سنوات، خصوصاً مع تحفز كافة الفرق للتألق أمامه، كما أقالت الإدارة المدرب الفرنسي رودي غارسيا في شكل مفاجئ قبل سبع جولات على نهاية الدوري، في قرار اختلف المعلقون على جدواه.
وتستهدف المملكة الخليجية الثرية التي تشهد انفتاحاً اجتماعياً واقتصادياً البناء على دوري قوي يجتذب أنظار العالم، وشكّل التعاقد مع رونالدو ضربة البداية لهذا المشروع الطموح.
وذكرت تقارير قبل أشهر أن السعودية ترغب بتقديم ملف مشترك مع اليونان ومصر لاستضافة نسخة 2030، لكن الترشح لم يصبح رسمياً بعد.
ويساهم رونالدو نفسه في الترويج للمشروع الرياضي السعودي.
والأسبوع الماضي، صرّح أنّه يعتقد أنّ الدوري السعودي سيكون بين أفضل خمسة دوريات في العالم «لكنه بحاجة للوقت، اللاعبين والبنية التحتية».
وقال المحلل الزبني: «إذا كان رونالدو لم ينجح رياضياً في موسمه الأول، فإن الصفقة نجحت تسويقياً بجدارة».
وتبصم مواقع النصر على مواقع التواصل الاجتماعي على نجاح الصفقة تسويقياً، إذ قفز عدد متابعي حسابه على تويتر من 800 ألف لأكثر من أربعة ملايين وعلى إنستجرام من مليونين لأكثر من 14 مليون متابع.
وتفاخر الكاتب السعودي مساعد العبدلي في عموده في «صحيفة الرياضية» الأحد بأنّ «كرة القدم السعودية أصبحت محط حديث معظم وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية».
وأضاف: «ولعل التعاقد مع رونالدو ساهم في هذا الوهج الإعلامي».
وباتت مدرجات الملاعب السعودية تشهد حضوراً نسائياً لافتاً لمجرد التقاط صور ذاتية يظهر رونالدو في خلفيتها، بعد سنوات قليلة من السماح للنساء بارتياد الملاعب. كما توافدت أسر رفقة أطفالها لمشاهدة «صاروخ ماديرا» في الملعب، لكن كروياً، لا يريد الجمهور سوى الفوز بالبطولات.
وقال المشجع إبراهيم السويلم الذي ارتدى الثوب الأبيض التقليدي: «رونالدو وحده لا يكفي».
وتساءل: «هل يستحق هذا المبلغ الضخم؟ هي صفقة دعائية والجماهير بالنهاية تريد البطولات».
(أ ف ب)