أصبح مانشستر سيتي، الذي تميّز بكونه “الجار المزعج صاحب الإمكانات المالية الضخمة”، القوة الاكبر في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم خلال السنوات الماضية، بيد أنه يواجه الآن مستقبلًا غامضًا مع خطر كبير باقصائه من البريميرليغ.
اتهمت رابطة الدوري الإنجليزي النادي، الذي استحوذت عليه مجموعة “أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار”، المملوكة من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، بارتكابه أكثر من 100 مخالفة لقواعده المالية بين موسمي 2009-2010 و2017-2018، وتمت احالته إلى لجنة تحقيق مستقلة، كما اتُهم بطل إنجلترا بعدم التعاون مع التحقيقات التي تجريها رابطة الدوري.
وفي حال ثبوت الإدانة، تتراوح العقوبات من الاكتفاء بإنذار إلى خصم النقاط وحتى توصية رابطة الدوري بإقصاء النادي من البطولة.
ويبدو أن سيتي، الذي تصدر الشهر الماضي لائحة شركة ديلويت المالية لأغنى اندية العالم، واثق من قدرته على تجاوز العاصفة، مصرا على وجود أدلة “لا يمكن دحضها” تدعم قضيته.
وهي ليست المرة الأولى التي يدخل فيها النادي في جدل قانوني حول قضايا مالية، إذ غُرّم سيتي 60 مليون يورو (64 مليون دولار) في عام 2014 لخرقه لوائح اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم “ويفا”.
كما تم حظر النادي لمدة عامين من مسابقات الاتحاد الأوروبي في شباط/فبراير 2020 من قبل الهيئة الحاكمة لكرة القدم الأوروبية بسبب “الانتهاكات المالية الجسيمة للعب النزيه”، ولكن تم إلغاء العقوبة من قبل محكمة التحكيم الرياضية في وقت لاحق من ذلك العام.
في العام الماضي، أوضح مدرب سيتي الاسباني بيب غوارديولا أنه سيبتعد عن النادي إذا اكتشف أنه قد كذب عليه من قبل مالكي النادي، وهو السيناريو الأسوأ بالنسبة للسيتي، الذي فاز بأربعة من ألقاب الدوري الإنكليزي الخمسة الاخيرة تحت قيادته.
“مقياس صناعي“
وقال هنري وينتر، كبير كتاب كرة القدم في صحيفة التايمز، إن سيتي يواجه “مزاعم بارتكاب مخالفات على مقياس صناعي… إذا ثبت ذلك، فإن العقوبة التي قد تلي ذلك يجب أن تكون مصممة لردع الآخرين الذين يعتقدون أن بإمكانهم النسخ من كتاب سيتي”.
لكن سايمون تشادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في مدرسة سكيما للأعمال في باريس، قال إن هناك قضايا أوسع تلعب دورًا.
وأشار إلى أن الحكومة البريطانية ستنشر قريباً كتاباً أبيض، وثيقة استشارية، يمكن أن تشكل أساس التشريع، من المتوقع أن تدعم إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة لكرة القدم.
وقال تشادويك “إن الدوري الإنكليزي عالق بين المطرقة والسندان لأنه يشعر بضغط من الحكومة لاتخاذ نهج أكثر قوة في التمويل والحوكمة، لكنه يدرك أيضّا أن الحكومة تجعله في الأساس يقوم بعمله القذر من أجلها”.
كما سلّط الخبير المالي لكرة القدم كيران ماغواير الضوء على السياق السياسي لحملة الحكومة لتغيير إدارة كرة القدم.
وشرح “يعارض الدوري الإنكليزي الممتاز وجود منظم مستقل في كرة القدم ولا أريد أن أسلك طريق مؤامرة ضخم، لكن الدوري الممتاز يريد أن يثبت لجميع الأطراف المهتمة أنه قادر على الحفاظ على بيته”.
وأضاف “إذا لم يتم تقويض الميزة التنافسية البريطانية في كرة القدم، فلن يكون لديك إشارة يتم إرسالها إلى أبو ظبي والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والآخرين بأن بريطانيا ستفرض قواعد صارمة على المستثمرين الأجانب”.
لا يعتقد ماغواير أو تشادويك أن سيتي يواجه احتمالا واقعيا بالهبوط، حيث يعتقد الأخير ان التسوية هي النتيجة الأكثر احتمالا لما يمكن أن يكون مساراً طويلاً.
فهل هناك تداعيات أوسع على الأندية المدعومة فعليًا من دول مثل سيتي وباريس سان جرمان الفرنسي المملوك من قطر؟.
رأى تشادويك الذي يؤكد على أهمية المال الأجنبي في كرة القدم الانكليزية “هذا صراع في عصرنا، وهو اتحاد وطني يحاول فرض القواعد على منظمات غير محلية التي تعمل عبر الحدود الدولية، غالبًا بدعم أو بمساعدة حكومات الدول”.
وأضاف “لا يمكن للحكومة البريطانية والدوري الإنكليزي الممتاز أن يثيروا السخط ويدفعوا ويطردوا الاستثمار الأجنبي المحتمل، خصوصا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خلال هذه الفترة الاقتصادية الصعبة للغاية”.
ويعتقد تشادويك أن النتيجة النهائية لقضية مانشستر سيتي ستكون نتيجة “تظهر استسلامًا من جانب الدوري الإنكليزي الممتاز والحكومة البريطانية”.
وأضاف “لكن الطريقة التي سيتم نسجها في نهاية المطاف ستكون أن الحكومة والدوري الممتاز قد حموا أصولهم وأيدوا مبادئ معينة للحكم الرشيد”.
(أ ف ب)