15 تموز/يوليو 2018، بعد ليلة مجنونة على ملعب “لوجنيكي” في موسكو، والتي شهدت تتويج المنتخب الفرنسي بكأس العالم، انطفأت الأضواء، ليعيش المنتخب خريفًا متضاربًا ومن دون اهتمام حقيقي بمسابقة جديدة، تمثلت في دوري الأمم الأوروبية التي خاضها “الديوك” بلا تجديد دماء، باستثناء قدوم تانغي ندومبيليه وفرلان ميندي وألحسن بليا.
وقد ارتقى الفرنسيون إلى حد ما لمكانتهم كأبطال عالم، لكنهم عرفوا بعض المطبات، على غرار السقوط أمام هولندا في دوري أمم أوروبا، وتركيا في تصفيات كأس أوروبا (بالنتيجة نفسها 0 – 2) في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وحزيران/يونيو 2019.
مباراتان كلفتا الفرنسيين غاليا، إذ تسببت الأولى في حرمانهم من التأهل إلى المربع الأخير للمسابقة القارية الجديدة، والثانية في تنازلهم عن صدارة مجموعتهم في تصفيات كأس أوروبا 2020.
عودة وبوجوه جديدة
وكانت الكآبة قد استولت على “الزرق” في خريف 2019، بسبب الفشل الهجومي، إذ فاجأ ديشان الجميع مساء مباراته رقم 100 كمدرب ضد ألبانيا (2-0)، واختار تكتيكاً غير مسبوق مكون من ثلاثة مدافعين من أجل وضع لاعبي الهجوم في أفضل الظروف الممكنة. والتجربة أعطت ثمارها وعاد أنطوان غريزمان ل “يتألق” مرة أخرى، وفق مدربه.
بعدها تدخلت جائحة كورونا لتعلق كرة القدم الدولية لنحوعشرة أشهر.
وأتت المفاجأة عند الاستئناف، فعاد ديشان ليستدعي أدريان رابيو المبعد عن المنتخب منذ رفضه أن يكون احتياطيا في مونديال 2018. ونجح لاعب وسط يوفنتوس الذي يعتبر البديل الطبيعي لبليز ماتويدي، في فرض نفسه سريعاً في الفريق المثالي لديشان، على غرار التشكيلة الحالية لمونديال قطر 2022.
وسقط “الديوك” في مباراة ودية ضد فنلندا (0-2)، لكنهم حققوا حملة ناجحة في دوري الأمم (خمسة انتصارات وتعادل واحد)، مع مباراة مرجعية خلف أبواب مغلقة في البرتغال (1-0) بفضل هدف نغولو كانتي.
هذا، وقبل أشهر قليلة من كأس أوروبا التي تأجلت من 2020 إلى صيف 2021 بسبب فيروس كورونا، برزت فرنسا كمرشحة طبيعية للفوز باللقب، لا سيما مع ظهور وجوه جديدة جددت دماء التشكيلة، والمتمثلة في إدواردو كامافينغا ودايو أوباميكانو والحارس مايك مينيان وماركوس تورام.
مفاجأة بنزيما وخيبة الأمل السويسرية
وشهد الـ 18 أيار/مايو 2021 مفاجأة جديدة، إذ قرّر ديشان إعادة استدعاء كريم بنزيمة بعد أن استبعده طيلة خمسة أعوام ونصف، بسبب “قضية الشريط الجنسي” للاعب الدولي السابق ماتيو فالبوينا. وأفاد ديشان حينها “أضع قضيتي الشخصية جانبا” لأن “خياراتي تستند إلى مصلحة المنتخب الفرنسي”.
وبعد العودة، في مباراته الثانية خرج بنزيمة من الملعب أمام بلغاريا (3-0) بسبب الإصابة، ليحل مكانه منافسه التاريخي أوليفييه جيرو الذي سجل ثنائية وأشعل النار خلف الكواليس بتصريح موجه إلى زميله كيليان مبابي، ينتقد فيه عدم حصوله على “كرات جيدة” خلال المباراة.
وخلال كأس أوروبا وقعت فرنسا فيما عرف آنذاك بـ “مجموعة الموت”، وفازت على ألمانيا ثم تعادلت مع المجر والبرتغال. لتحل الأولى في المجموعة وتواجه سويسرا التي بدت في طريقها للخسارة في ثمن النهائي أمام جارتها لكنها عادت من بعيد وأدركت التعادل 3-3 في الوقت القاتل، لتفرض شوطين إضافيين ثم ركلات الترجيح التي ابتسمت لها. فانتهى بذلك مشوار أبطال العالم.
دوري الأمم منافسة لاستعادة التوازن
ولأول مرة منذ استلامه المنصب، لم يمدّد ديشان عقده لما بعد كأس العالم 2022، لأنه كان يعلم أن مستقبله سيعتمد على نهائيات قطر 2022.
ورد ديشان على المشككين به، إذ نجح الفريق بخطته التكتيكية الجديدة في قلب تخلفه 0-2 أمام بلجيكا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية والفوز، قبل أن يتخطى إسبانيا في النهائي 2-1 بعدما كان متخلفاً أيضاً.
واحتفل بنزيما بأول تتويج له مع “الديوك” وساهم بهدفين في هاتين المباراتين.
هذا، وعلى الرغم من الاختلالات الدفاعية، يبدو أن روح موسكو تطفو على السطح مجدداً، مع سطوع نجم لاعبيْن لا غنى عنهما في التشكيلة الأساسية وهما تيو هرنانديز وأوريليان تشواميني.
رغم الإصابات.. الصمود أكبر
وبعد سلسلة من سبع انتصارات متتالية، جاءت الانتكاسة خلال تجمع حزيران/يونيو، بسبب موجة من الإصابات التي طالت اللاعبين وتسببت في إنهاء رجال ديشان الموسم بهزيمتين وتعادلين.
وفي أيلول/سبتمبر ومع استمرار سلسلة الإصابات، سقط الفرنسيون مرة ثانية أمام الدنمارك صفر-2 بعد الأولى 1-2 في حزيران/يونيو، الأمر الذي دفع ديشان إلى التخلي عن خطة اللعب بثلاثة عناصر في قلب الدفاع ضمن رؤيته لمونديال قطر.
إلى ذلك، كانت الاستعدادات لكأس العالم تخيم عليها شكوك بسبب لعنة الإصابات التي حرمت “الديوك” من خدمات بول بوغبا ونغولو كانتي وكريم بنزيمة وكريستوفر نكونكو وبريسنيل كيمبيمبي ومايك مينيان.
وفي أول مباراة في النهائيات، انضم لوكا هرنانديز إلى القائمة بعد إصابته في الفوز الافتتاحي على أستراليا (4-1) والذي أتبعه الفرنسيون بانتصار مقنع على الدنمارك (2-1)، قبل أن يريح ديشان أساسييه، ما تسبب بالسقوط في الجولة الأخيرة والخسارة أمام تونس (0-1)، ثم عاد الأساسيون إلى التشكيلة في ثمن النهائي ضد بولندا، ليساهموا في فوز مريح 3-1، قبل معاناة ربع النهائي لتخطي إنكلترا 2-1 بعدما أهدر هاري كاين ركلة جزاء التي كانت ستجر فرنسا إلى لعب الوقت الإضافي على الأرجح.
وفي نصف النهائي، سجل الفرنسيون الهدف الأول باكرا في مرمى المغرب بفضل المدافع تيو هرنانديز، قبل أن يحسم البديل راندال كولو مواني بطاقة التأهل حيث تنتظرهم الأرجنتين في نهائي ناري هو الرابع في تاريخ الزرق.
(أ ف ب)
آخر الأخبار: