دخل يوسف النصيري، مهاجم المغرب، التاريخ مرتين خلال كأس العالم “فيفا قطر 2022″، الأولى حين سجل أمام كندا وأصبح أول لاعب مغربي يُسجل في نسختين مختلفتين من أم البطولات، والثانية، حين قاد “أسود الأطلس” إلى نصف النهائي بهدفه في مرمى البرتغال.
وهذا إنجاز لم يُحققه أي منتخب إفريقي في السابق.
النصيري رفع رصيده من الأهداف في تاريخ كأس العالم FIFA إلى ثلاثة، وما زال لديه مباراتين على الأقل، نصف النهائي والنهائي أو تحديد المركز الثالث، مما يعني أن العدد قابل للزيادة، ولكن ذلك ليس إلا محطة في رحلة بدأت منذ سنوات من رحم المعاناة وستتواصل لأخرى قادمة.
النصيري .. أكاديمية محمد السادس كانت البداية
اللاعب المولود في الأول من يونيو ١٩٩٧ لم ينشأ في أحد مراكز تكوين الشباب في أوروبا، بل هو إنتاج محلي خالص في المغرب، بدأ مسيرته في شوارع وحواري مدينته فاس لينضم بعدها إلى نادي المغرب الفاسي وبعدها خلال موسم ٢٠١٠-٢٠١١ إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم المختصة باكتشاف المواهب وتطويرها وتسهيل انتقالها إلى أوروبا.
كان المدرب المغربي الفرنسي ناصر لاركيت هو المشرف الفني على الأكاديمية منذ افتتحت عام ٢٠٠٩ حتى رحل عام ٢٠١٤ للعمل من جديد في فرنسا، وقد زامل النصيري خلال تواجده هناك عدد من اللاعبين أبرزهم حمزة منديل وأنس نوادر.
الرحيل إلى أوروبا
استمر النصيري في أكاديمية محمد الفاتح حتى عام ٢٠١٥، حين التقطته عيون كشافة نادي ملقا الإسباني وتعاقدوا معه بالإعارة لموسم واحد قبل أن يتحول العقد إلى انتقال نهائي الصيف التالي مقابل ١٢٥ ألف يورو. قضى اللاعب موسمه الأول مع الفريق الرديف وفي موسم ٢٠١٦-٢٠١٧ صعد إلى الفريق الأول للعمل تحت قيادة المدرب ميشال نجم ريال مدريد السابق.
لعب النصيري مع ملقة ٤١ مباراة رسمية في جميع البطولات لم يُسجل فيها سوى خمسة أهداف، وقد اختار الرحيل عنه عند هبوطه إلى دوري الدرجة الثانية في إسبانيا بنهاية موسم ٢٠١٧-٢٠١٨.
الخطوة الأهم .. إلى ليجانيس
انضم المهاجم الشاب إلى ليجانيس صيف ٢٠١٨ مقابل عشرة ملايين يورو، ليُصبح بذلك أغلى صفقة في تاريخ النادي وكذلك بين مواطنيه المغاربة.
البداية لم تكن جيدة أبدًا، لكن النصف الثاني من الموسم الأول شهد انقلابًا في الأحداث بإحرازه ١١ هدفًا خلال ٣٤ مباراة.
وفي الموسم الثاني لعب ١٨ مباراة في الدوري الإسباني سجل خلالها أربعة أهداف وصنع هدفين، وفي يناير كانت نهاية الرحلة مع ليجانيس.
إشبيلية .. اللعب مع الكبار
تألق النصيري الملفت وصُغر عمره دفع إشبيلية للاستثمار به، وقد دفع النادي ٢٠ مليون يورو للحصول على خدماته في يناير ٢٠٢٠.
ظفر اللاعب المغربي بأول لقب في مسيرته حين توج بنهاية موسم ٢٠١٩-٢٠٢٠ بالدوري الأوروبي وقد ساهم في الإنجاز بإحراز هدفين، ومعهما سجل أربعة أهداف في ١٨ مباراة من الدوري الإسباني.
المهاجم صاحب القدرات الرائعة داخل منطقة الجزاء، سواء على الأرض أو في الهواء، لعب حتى الآن ١٢٢ مباراة مع الفريق الأندلسي في جميع البطولات، سجل خلالها ٣٧ هدفًا وصنع ثلاثة أهداف.
النصيري سبق وتحدث عن مسيرته الرائعة تلك مع الأندية مشيرًا إلى أنها لم تمر دون مشاكل وعراقيل، حيث كتب عبر إنستجرام “أن تحقق أشياءً جيدة في حياتك أمر جميل، لكن أن تحققه متجاوزًا جميع أنواع العراقيل يجعله أجمل. فخور ببداياتي الأولى و بما أنا عليه اليوم. سأواصل العمل لكي أسعد الأشخاص الذين لم يبخلوا علي بثقتهم في إمكانياتي. لا تترك شيئًا و لا أحدًا يحبط عزيمتك في طريقك لمستقبل أفضل. العمل الجاد، الاستمرار، التواضع و الالتزام بالواجبات…ليس هناك طريق آخر”.
النصيري مع المغرب .. أسد لا يتوقف
بدأ النصيري مسيرته مع المنتخب بالظهور أمام ألبانيا وديًا تحت قيادة المدرب هيرفي رونار، بعدها تمت دعوته لتمثيل أسود الأطلس في كأس أمم إفريقيا ٢٠١٧ وسجل خلالها هدفًا ضد توجو.
ساعده الحظ ليتواجد مع المغرب في كأس العالم روسيا ٢٠١٨ بعدما أضيف للقائمة بدلًا من المدافع بدر بانون، وقد استغل الفرصة جيدًا وسجل هدفًا في مرمى إسبانيا في المباراة الأخيرة من دور المجموعات.
منذ بدأ مسيرته الدولية، لعب النصيري ٥٤ مباراة مع المغرب سجل بها ١٦ هدفًا آخرها كان أثمنها لأنه منح المغرب بطاقة العبور إلى نصف نهائي كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™
قطر ٢٠٢٢ .. نقطة انطلاق جديدة
لا يمر موسم النصري الحالي في إشبيلية جيدًا، إذ لم يُسجل سوى هدفين كانا في دوري أبطال أوروبا، وقد فتح ذلك باب النقاش حول جدوى تواجده أساسيًا مع أسود الأطلس في العرس القطري.
المدرب وليد الركراكي دافع عن مهاجمه كثيرًا وأكد أنه المهاجم الأساسي ويبدو أن تلك الكلمات كان لها وقع السحر على اللاعب الذي استعاد الكثير من مستواه ونجح في إحراز هدفين خلال البطولة لعبا دورًا حاسمًا في إنجاز الوصول إلى نصف النهائي.
قال المدرب الوطني “”لا يقدّر موهبة النصيري إلا مدربون أمثالي، إنه موهبة ولاعب من طراز عالمي ينفذ ما أطلبه منه، لذلك حافظ على مركزه الأساسي ليس معي فحسب بل مع من سبقني من مدربين، إنه لاعب لا غنى عن خدماته في التشكيلة”.
وبعد مستواه المميز في البطولة، عاد المدرب وأشاد به بقوله عند سؤاله عن تألق سفيان أمرابط وسليم أملاح “كل لاعب له دوره في الفريق، هناك من يضحون كثيرًا وأود هنا الحديث عن النصيري الذي يقوم بجهد رائع ولا يعرف قيمته سوى أمثالي”.
هذا المستوى المميز قد يكون نقطة انطلاق جديدة لصاحب الـ٢٦ عامًا، سواء مع ناديه إشبيليه أو أي نادٍ آخر قد ينضم له في سوق الانتقالات الشتوي القادم.
(الموقع الرسمي لفيفا)
آخر الأخبار: