“أسود الأطلس”.. صناع البهجة للمغرب والعرب

برغم المسيرة الصعبة التي أوقعته فيها قرعة البطولة، كان المنتخب المغربي لكرة القدم بحماسه الشديد وروح لاعبيه أكبر من التحديات التي واجهها في بطولة كأس العالم 2022.

واستغل الفريق حماس المشجعين في المدرجات في أول بطولة كأس عالم تقام في المنطقتين العربية والشرق الأوسط ليصنع التاريخ ليس لنفسه فقط، وإنما للكرة العربية بشكل عام.

ومدد المنتخب المغربي مفاجآته السعيدة في البطولة بفوز سيظل محفوراً في التاريخ، بعدما تغلب على نظيره الإسباني 3-0 بركلات الترجيح بعد 120 دقيقة على الأقل من التعادل السلبي مع أحد أبرز فرق العالم.

وعندما أجريت قرعة البطولة في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، ثارت الشكوك حول ما يمكن أن يقدمه المنتخب المغربي في مجموعته بالدور الأول، وكانت معظم التكهنات تشير إلى أن المنتخبين الكرواتي والبلجيكي صاحبي المركزين الثاني والثالث في مونديال 2018 سيحجزان بطاقتي التأهل من هذه المجموعة إلى الدور الثاني، وأن المنافسة ستدور بينهما على هوية من سيتصدر المجموعة.

وكان المنتخب البلجيكي في ذلك الوقت متصدراً للتصنيف العالمي للمنتخبات، فيما اقتصرت الترشيحات بالنسبة للمنتخب المغربي على حدوث مفاجآت من العيار الثقيل.

وبالفعل، كان المنتخب المغربي قادراً على صنع المفاجأة والعبور بامتياز من هذه المجموعة التي استهل مسيرته فيها بالتعادل السلبي مع المنتخب الكرواتي بنجومه الكبار بقيادة لوكا مودريتش.

وفي المباراة الثانية، كان المنتخب المغربي على موعد مع الاختبار الأصعب وهو مواجهة نظيره البلجيكي المصنف الثاني عالمياً والمفعم بالمواهب والنجوم في مختلف الصفوف، وأجاد نجوم المغرب بقيادة أشرف حكيمي وحكيم زياش ونصير مزراوي ويوسف النصيري وسفيان بوفال في التعامل مع الخبرة البلجيكية وألحقوا بها الهزيمة الأولى في دور المجموعات بالمونديال منذ عدة نسخ، حيث انتهى اللقاء لصالح ممثل الكرة العربية والأفريقية بهدفين نظيفين مع حفاظ الفريق على نظافة شباكه للمباراة الثانية على التوالي.

وأكمل المنتخب المغربي ملحمة دور المجموعات بانتزاع صدارة المجموعة بجدارة عبر فوزه على نظيره الكندي 2-1 علماً بأن الهدف هو الوحيد الذي اهتزت به شباك الفريق في البطولة حتى الآن، وجاء عبر النيران الصديقة.

وبعد نجاح المنتخب المغربي في الاختبار الصعب، أدرك أن مواصلة نفس الأسلوب، الذي يعتمد على الدفاع المحكم واستغلال المرتدات السريعة التي يجيد لاعبوه تنفيذها، سيكون السلاح الأمثل في مواجهة المنتخب الإسباني المفعم أيضاً بالمواهب الشابة والنجوم أصحاب الخبرة.

وأجاد المنتخب المغربي التعامل مع المباراة، فلم يندفع في اتجاه الهجوم أمام منتخب كبير مثل “الإسباني”، علماً بأن الفريق اختتم مسيرته بدور المجموعات في المونديال الماضي بالتعادل 2-2 مع نفس الفريق وكان على وشك الفوز عليه قبل أن يتعادل الإسبان في الوقت بدل الضائع للمباراة.

ومجدداً، حافظ المنتخب المغربي على نظافة شباكه ليدفع بالمباراة إلى ركلات الترجيح التي باغت فيها الحارس المغربي ياسين بونو، صاحب الخبرة الكبيرة بالدوري الإسباني وحارس مرمى إشبيلية حالياً، لاعبي إسبانيا وتصدى لركلتين من 3 ركلات سددها لاعبو إسبانيا، فيما أهدر بابلو سارابيا الركلة الأولى، ليتوج جهده بإنجاز تاريخي سيظل محفوراً في ذاكرة بطولات كأس العالم.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المونديال، التي يتواجد فيها منتخب عربي في دور الثمانية للبطولة علماً بأن المنتخب المغربي يخوض البطولة للمرة السادسة في تاريخه.

كما عادل المنتخب المغربي إنجاز الكاميرون 1990 والسنغال 2002 وغانا 2010 وأصبح رابع منتخب أفريقي يبلغ دور الثمانية.

ولا تزال الفرصة سانحة أمام المنتخب المغربي لتقديم المزيد من المفاجآت، عندما يلتقي في ربع النهائي مع المنتخب البرتغالي.

والمثير أن المنتخب المغربي حافظ على سجله خالياً من الهزائم في المونديال الحالي حتى الآن، وهو ما لم يحدث في مشاركاته السابقة بالمونديال، كما أكد الفريق اكتسابه لخبرة أوروبية كبيرة من خلال احتراف لاعبيه بالأندية الأوروبية أو المواجهات السابقة مع المنتخبات الأوروبية في المونديال، حيث نجح في اجتياز 3 اختبارات أوروبية بالمونديال الحالي حتى الآن بانتظار الاختبار الرابع في دور الثمانية.

(وام)