“نلتقي في قطر إن شاء الله”، بهذه الكلمات وعد المدافع أشرف حكيمي جماهير المنتخب المغربي لكرة القدم، عقب النافذة الدولية الأخيرة الإعدادية لنهائيات كأس العالم المقررة في الدولة الخليجية.
وعبّر عن أمله في أن يستثمر خبرته في أعرق الأندية الأوروبية، لقيادته إلى تخطي الدور الأول في المونديال للمرة الثانية في تاريخهم والأولى منذ عام 1986، فقال: “فخور بتمثيل منتخب بلدي المغرب بهذا القميص”.
ومونديال قطر سيكون الثاني لحكيمي بعد الأول في روسيا 2018، الذي أنهاه بمركز أخير ونقطة يتيمة، في مجموعة ضمته إلى جانب منتخبين عريقين، هما البرتغال وإسبانيا، إلى جانب إيران.
وانتماء حكيمي، المولود في مدريد، لبلده المغرب، كان واضحًا وجليًا منذ شبابه، حيث لعب مع منتخبات تحت 17 عامًا وتحت 20 عامًا وتحت 23 عامًا، قبل أن يخوض مباراته الأولى مع المنتخب الأول في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ضد كندا (4 – 0)، خصم “أسود الأطلس” في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة في قطر.
ويدرك حكيمي، أفضل لاعب ناشئ في إفريقيا في 2018 و2019، جيدًا صعوبة المهمة التي لا تختلف عن المونديال الروسي، لأن القرعة أوقعته في مجموعة قوية أيضًا، مع منتخبين يحسب لهما ألف حساب، هما كرواتيا، وصيفة النسخة الأخيرة، وبلجيكا، ثالثتها.
موهبة ملكية
لكنه شدد على أن الوضع سيكون مختلفًا في قطر، بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبها منذ ذلك الحين، حيث أوضح: “وقتها كنت أبلغ من العمر 19 عامًا، ولم تكن لدي خبرة المواعيد الكبرى والمواجهات القوية، لكنني الآن بلغت من النضج درجة كبيرة، وأتمنى أن يساعد ذلك في تحقيق نتائج أفضل وبلوغ الدور الثاني”.
مباراة بعد مباراة وموسمًا بعد موسم، يثبت حكيمي (23 عامًا) أنه بين أحد أفضل الأظهرة العالمية، إن لم يكن أفضلها، بشهادة نجوم سابقين تألقوا وأبلوا البلاء الحسن في مركز الظهير الأيمن.
وقال الدولي الألماني السابق، أندرياس بريمه، إن “هناك عددًا قليلًا من اللاعبين أمثاله، أنا متأكدٌ من أنه سيكون ورقة رابحة مهمة”، معتبرًا أن ميزة حكيمي الأفضل هي “قدرته على القيام بتمريرة حاسمة بعد انطلاقة سريعة بالكرة، يعرف كيف يكون حاسمًا”.
وأشاد به مدربه في فريقه السابق إنتر ميلان، أنتونيو كونتي، مؤكدًا: “لديه إمكانات هائلة، ولكن عليه أن يتطوّر أكثر بعد، بإمكانه أن يتحسن كثيرًا في الشق الدفاعي”.
ولا تقتصر موهبته فقط على سرعته الهائلة وتألقه في المراوغات الفردية، إذ إنه قادرٌ على شغل مراكز عدة، أكان كجناح أو كظهير أيمن، مع مهام دفاعية أكبر، أو كمدافع أيسر، فضلًا عن نزعته الهجومية.
أما النجم البرازيلي السابق كافو، فقال إنه “يتواجد في خانة الأظهرة القليلة على الصعيد العالمي التي تتميَّز بالصّفات التي على من يشغل هذا المركز التحلّي بها إذا ما أراد التألق والسطوع”.
وأوضح: “إذا ما كان علي أن أنصح بظهير أيمن، فإنني سأنصح بأشرف حكيمي، الشيء الذي افتقدته مُقارنة به هو أنه يلعب كثيرًا بدون كرة، ويتحرّك نحو العمق وبشكل قُطري.. ليس هناك الكثير من الأظهرة التي توائم بين الجانبيْن البدني والفني، ولديها قراءة جيدة للعب، أستطيع أن أذكر حكيمي ومارسيلو وكارفاخال وأرنولد”.
ولم يتردد مدرب منتخب بلاده السابق، البوسني وحيد خليلودجيتش، في اعتباره الأفضل في مركزه، بالقول: “يملك جميع المقومات.. هذا اللاعب يتمتع بموهبة كبيرة، وهو الأفضل في مركزه إلى جانب ظهير ليفربول ترنت ألكسندر أرنولد”.
وبسرعة رهيبة، تحوَّل حكيمي من لاعب غير مرغوب فيه بالنادي الملكي، لعدم اقتناع مدربه السابق الفرنسي زين الدين زيدان بمؤهلاته، في ظل اعتماده على داني كارفاخال ولوكاس فاسكيس، إلى أحد أفضل الأظهرة في العالم.
وفرط ريال في خدماته في مناسبتين، حيث كانت ذريعته في الأولى (بوروسيا دورتموند الألماني) الحصول على المزيد من الاحتكاك ودقائق للعب، فيما كانت الثانية ببيع نهائي إلى إنتر ميلان الإيطالي.
وفي الحالتين، دخل حكيمي في تحد مع نفسه، ليثبت للريال أنه كان مخطئًا، ونجح في كسب الرهان، والدليل انتقاله إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، المرصعة صفوفه بالنجوم، أبرزهم كيليان مبابي والأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار، وزميله السابق في ريال مدريد، المخضرم سيرخيو راموس.
ارتفاع قيمته السوقية
ونشأ حكيمي كمشجع للريال الذي ضمه الى صفوفه في سن الثامنة في فرق الفئات العمرية وحقق معه عن 18 عامًا أول ظهور في دوري أبطال أوروبا في موسم 2017-2018، حيث فاز باللقب القاري، قبل أن ينتقل الى دورتموند على سبيل الإعارة.
وبعد عامين مميزين في ألمانيا، اعتقد الجميع أن حكيمي، المولود في مدريد، سيعود حتمًا إلى ملعب “سانتياغو برنابيو”، ولكن بعد موسم 2019-2020، الذي شكّل ضائقةً ماليةً لجميع الأندية، بسبب تداعيات “كوفيد-19″، بمن فيها ريال مدريد، أحد أغناها في العالم، لم يقاوم الملكي القيمة الكبيرة التي يمثلها حكيمي، إذ وفقًا لموقع “ترانسفير ماركت” المتخصص، زادت قيمته السوقية عشرة أضعاف، من خمسة ملايين إلى 54 مليون يورو، بعد تألقه في دورتموند.
ونجح إنتر في ضمه مقابل 40 مليون يورو، وتساءلت صحيفة “كورييري ديلو سبورت” الإيطالية: “كل مرة نراه (حكيمي) فيها على أرض الملعب، نبدأ بالتفكير في زيدان: كيف سمح له بالرحيل الى مكان آخر؟”.
وعلق حكيمي وقتها أنه يعتقد أن ريال مدريد لم يكن يرغب في أن يراهن عليه، وقال: “هي حقيقة أنك عندما تنضم إلى ريال مدريد للمرة الأولى قادمًا من كاستيا، من الطبيعي أن النادي لا يراهن كثيرًا عليك، لأنك تكون لاعبًا شابًا”.
وأكد حكيمي، الذي انضم الى سان جيرمان مقابل 70 مليون يورو، أنه لا يحمل أي ضغينة إزاء الفريق الملكي، وقال: “هو فريق له مكانة في قلبي، بسبب كل ما قدمه لي.. لقد طوَّرني كشخص وكلاعب وجعلني أتعلم”.
ويبقى الهدف الأبرز لحكيمي هو أن يصل إلى المونديال في ذروة مستواه، لتقديم الإضافة ومساعدة “الأسود” على تخطي الدور الأول، وقال: “لدينا كل المؤهلات والمقومات لتشريف كرة القدم المغربية، ونتمنى أن نكون عند حسن ظن جماهيرنا، التي لن تدخر جهودًا لمساندتنا، وعلينا ألا نخذلها.. نلتقي في قطر إن شاء الله”.
(أ ف ب)