عودة ميسي؟.. “الملك الدستوري” والتوقيت المناسب لمشروع برشلونة المستقبلي

بدأ النقاش يكثر في الأونة الأخيرة حول مستقبل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، بعد أن ربطته تقارير إعلامية بالعودة إلى صفوف ناديه السابق برشلونة، في حين تحدثت أخرى عن رغبة باريس سان جيرمان بتجديد عقده.

ميسي، البالغ من العمر 35 عامًا، لا يبدو منشغلًا بالتفكير بمستقبله حاليًا، فكل ما يشغل ذهنه منذ بداية الموسم هو التحضير بشكل جيد لكأس العالم 2022 في قطر وتحقيق اللقب، الذي سيؤكد للجميع أنه أفضل لاعب مر بتاريخ بلاده وكرة القدم عامة.

ومن جانبه، لم يستبعد المدرب الإسباني لنادي برشلونة، تشافي هيرنانديز، إمكانية ضم ميسي، فعند سؤاله عن الأمر قبل مباراة إنتر ميلان في دوري أبطال أوروبا، الثلاثاء، قال: “حول موضوع ليو، سنرى ما سيحدث”.

أما على الضفة الأخرى، فيبدو أن باريس سان جيرمان بات أكثر تمسكًا بالنجم الأرجنتيني، الذي وقع على 6 أهداف هذا الموسم وصنع 8 في 11 مباراة، ليساهم بـ14 هدفًا للنادي الباريسي بجميع البطولات.

ورغم أن الفرنسي كيليان مباباي هو قائد المشروع الجديد في النادي الباريسي، إلا أن ميسي يبقى مثل تلك القطعة النفيسة التي لن يفرط بها باريس سان جيرمان بسهولة، خصوصًا في ظل توتر العلاقات مع ريال مدريد وبرشلونة مؤخرًا.

وفي ظل هذا التنافس الذي بدأ يطفو على السطح، ظهر فريق العمل الخاص بـ”ليو”، ليقول إنه “لم يتلق أي عرض رسمي بشأن ليو، وألا مفاوضات ستُجرى في الوقت الراهن”، وفق ما ذكره الصحفي الإيطالي المختص بسوق الانتقالات فابريزيو رومانو.

وبين تلك الأطراف الأربعة، سيكون مستقبل ميسي حديث الساعة في إسبانيا وفرنسا بعد نهاية المونديال، خصوصًا إذا نجح ليو في تحقيق لقب كأس العالم 2022.

ولا يستطيع أحد أن يخفي حقيقة أن “البرغوث” خرج من برشلونة مضطرًا عام 2021، إذ روت دموعه في حفل الوداع المفاجئ قصة خروجه الحزين من معقل “كامب نو”، لذلك فمن المؤكد أن ميسي، ورغم شعوره بسعادة أكبر هذا الموسم في فرنسا، يحلم بإنهاء مسيرته مع فريق طفولته ووسط الجماهير التي عشقته، لدرجة أنها كانت تحتفل بنزوله إلى الملعب بنفس صخب احتفالها بأهداف فريقها.

وبالمقابل، فإن “كامب نو” يغالبه الشوق لرؤية ليو على معشبه الأخضر مرتديًا شارة القيادة التي تحمل ألوان علم كتالونيا وسط هتافات الجماهير العاشقة: “ميسي… ميسي… ميسي”، وقد عبر رئيس النادي خوان لابورتا عن هذه الأمنية في أكثر من مناسبة، قائلًا إنه يشعر أنه مدين لميسي.

ومع كل تلك الرغبات، يبقى العامل المادي رئيسيًا في تحديد مصير عودة ليو إلى الفريق الكتالوني من عدمها، فميسي الذي يتقاضى أكثر من 40 مليون دولار أمريكي سنويًا، سيشكل عبءا كبيرًا على عاتق سلم الأجور الذي تسبب ترميمه ببيع برشلونة لنسبة كبيرة من عائداته التلفزيونية في خطوة اعتبرها البعض بيعًا للمستقبل مقابل النجاة في الحاضر.

وإضافة إلى الأمور المالية، فهناك تساؤلات حول ما إذا كان ميسي سيخدم مشروع الفريق الكتالوني الذي يسعى لبناء مجموعة شابة قادرة على صناعة مستقبله لسنوات طويلة يقودها كل من بيدري وجافي وأنسو فاتي وأليكس بالدي، فبعد أن تعاقد برشلونة هذا الموسم مع روبيرت ليفاندوفسكي، البالغ من العمر 34 عامًا، قد لا تبدو فكرة إعادة ميسي (35 عامًا) مفيدة لهذا المشروع.

أما على الصعيد الفني، فيبقى السؤال الأبرز: “هل تستوعب تشكيلة برشلونة ليو مجددًا؟”، وقبل التسرع بالإجابة، لا بد من التذكير بأن تشافي حاليًا يتخبط في عملية توظيف جناحيه الأيمن والأيسر عثمان ديمبيلي ورافينيا، ويقوم بتبديل مراكزهما مرتين أو 3 في المباراة الوحيدة، فكيف سيصبح الأمر مع وجود ميسي بهذا السن، ووجود فاتي وديباي وفيران توريس؟، أين سيذهب برشلونة بكل هذه الأجنحة؟.

والسؤال الآخر الذي يبرز هنا: “إذا كان برشلونة يفكر في إعادة ميسي، فما سيكون مصير صفقة بيرناردو سيلفا التي تعتبرها إدارة الفريق الهدف الأول لها في سوق الانتقالات الصيفي؟”، بالتأكيد فإن أحلام لابورتا وأليماني في جلب سيلفا ستذهب أدراج الرياح في هذه الحالة، لأن الفريق لن يكون قادرًا على استيعاب ميسي وسيلفا في فريق وحيد فنيًا وماديًا.

وربما تكون عودة ليو بعد سنتين أو 3، ليلعب “موسمًا شرفيًا ووداعيًا” مع برشلونة هو القرار الأنسب للفريق الكتالوني، فقدوم ميسي في هذه المرحلة سيغير من بيئة غرفة تبديل الملابس، التي يصارع تشافي من أجل السيطرة عليها بوجود جيرارد بيكيه وسيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا.

وسيمثل قدوم ميسي تحديًا كبيرًا للمدرب الإسباني، لفرض كلمته في غرفة تبديل الملابس، فهو يحاول جاهدًا التخلص من بعض اللاعبين القدامى، ليخلق البيئة التي يريدها داخل جدران “كامب نو”.

ورغم أن ليو قد يعود مرةً أخرى إلى كتالونيا، لكنه بالتأكيد لن يكون ميسي الذي غادرها قبل عامين بدموع الحزن، وإذا ما عاد، فيجب أن يكون مثل الملك الدستوري في عالم السياسة “يملك ولا يحكم”، في حال أراد برشلونة الاستمرار بمشروعه الطموح نحو بناء فريق للمستقبل.

وبالمقابل، فإن باريس سان جيرمان سيقاتل حتى الرمق الأخير للحفاظ على ليو، الذي يبدو أنه اعتاد على الأجواء في فرنسا وبدأ يتأقلم معها.

وبين باريس وبرشلونة، يبقى مستقبل ميسي رهن الحكم النهائي من صاحب القرار بعد مونديال قطر.

(سي إن إن)