على مدى أربعة أشهر، عُزل منتخب قطر لكرة القدم في قارة أوروبا بعيداً عن أعين المتطفلين، في محاولة من مدربه الإسباني فيليكس سانشيس لتعزيز آماله الصعبة بالتأهل إلى الدور الثاني من مونديال 2022.
ويسعى العنابي، الوحيد بين المنتخبات الـ32 الذي لم يسبق له خوض النهائيات، إلى تجنب تكرار تجربة جنوب إفريقيا، التي ذاقت وحيدةً مرارة الخروج المبكر للمضيف من الدور الأول في 2010.
ولتحقيق هذه المهمة، يتعيّن على بطل آسيا 2019، الخروج بنتيجة إيجابية أمام الإكوادور في إستاد “البيت” افتتاحًا، يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر، ومحاولة اقتناص ما يتيسر من نقاط صعبة أمام السنغال، بطلة أفريقيا، ثم هولندا، الوصيفة ثلاث مرات.
ولردم الهوة مع منافسيه، وضع الاتحاد القطري مسارًا استراتيجيًا طويلًا، بالمشاركة مدعوًا في بطولات كوبا أميركا 2019 وكأس كونكاكاف الذهبية 2021، فضلًا عن تصفيات أوروبا المؤهلة للمونديال، كدولة زائرة لا تُحتسب نتائجها.
وبينما تراوحت نتائجه بين المرضية في كوبا أميركا، المشجعة في الكأس الذهبية والمتواضعة في التصفيات الأوروبية، توجهت الأنظار إلى آخر المحطات الاستعدادية التي رسم معالمها المدرب الكاتالوني نهاية الموسم السابق بالتنسيق مع اتحاد اللعبة.
وقام بـ”تفريغ” لاعبي المنتخب بالكامل، عبر انخراطهم في معسكر طويل اعتبارًا من بداية حزيران/يونيو الماضي، بحسب ما قال لوكالة “فرانس برس” علي الصلات، المسؤول الإعلامي للمنتخب.
عزل وتضحية
وأضاف: “تناقش المدرب والاتحاد حول هذا الأمر الموسم الماضي وتم الاتفاق عليه”.
ولجأ سانشيس، المعيّن عام 2017، خلال المعسكر الطويل، إلى عزل لاعبيه تمامًا عن الإعلام والجمهور لأربعة أشهر، في خطوة وصفها نجم قطر السابق محمد مبارك المهندي بـ”التضحية الكبرى”.
وقال لوكالة “فرانس برس”: “القرعة ليست سهلة، والتحضير لأول كأس عالم في العمر يحتاج الى تضحية.. عبر ابتعاد اللاعبين عن بيوتهم وعائلاتهم لفترة طويلة”.
وقسّم سانشيس، القادم إلى أكاديمية “أسباير” في الدوحة عام 2006، المعسكر الصيفي الأخير إلى ثلاث محطات رئيسة، بدأها في حزيران/يونيو الماضي في مدينة ماربيا الإسبانية لمدة شهر، قبل أن يتحوّل إلى النمسا في معسكر مغلق طويل، سيختتمه بوديتين “علنيتين” للجماهير والإعلام أمام كندا، يوم الجمعة القادم، وتشيلي، في 27 من الشهر الجاري.
معسكر داخلي
وبعد العودة إلى الدوحة، سيُمنح اللاعبون فترة راحة لمدة ثلاثة أيام، قبل أن ينخرطوا في معسكر داخلي قصير، سيتاح خلاله للجماهير حضور تمرين واحد في 2 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أن تسافر البعثة إلى ماربيا مجددًا، في معسكر أخير حتى المونديال.
وعن التأثير السلبي لغياب اللاعبين عن مباريات الدوري، أشار المهندي، عضو الاتحاد القطري بين 2004 و2013، إلى أن “اللعب في بطولة رسمية هو دائمًا أمر جيد، لكن بالمقابل، يؤدي تواجدهم مع بعضهم البعض دوره أيضًا، خصوصًا في حالة خوض دورات ومباريات ودية”.
وخاضت قطر دورةً وديةً رباعيةً في النمسا، تعادلت خلالها مع منتخب المغرب للمحليين بهدفين، وفازت على غانا للمحليين (2 – 1)، وتعادلت أمام جامايكا للمحليين بهدف لمثله، قبل أن تخسر، يوم الثلاثاء، أمام كرواتيا تحت 23 عامًا بثلاثية نظيفة.
وخاص “العنابي” أيضًا كمًا كبيرًا من المباريات الودية مع أندية أوروبية متنوعة، أبرزها تعادله مع لاتسيو الايطالي سلبًا، وفوزه على كولتورال ديبورتيفو ليونيسا، الذي يلعب في الدرجة الثالثة في إسبانيا (3 – 0).
إنجاز كوريا
وفيما تبدو مهمة تخطي الدور الأول صعبة، يحلم القطريون بتكرار إنجاز كوريا الجنوبية على أرضها في 2002، عندما بلغت نصف النهائي في سابقة آسيوية.
ويتمنى المهندي (57 عامًا)، نجم الخور والسد السابق، أن يكون الفوز على الإكوادور مفتاح التأهل إلى دور الـ16، وأن يظهر لاعب الوسط أكرم عفيف “الرائع” بمستواه، وأن يدخل المونديال “للاستمتاع”، لأنه سيُظهر حينها جودةً عاليةً.
وبالإضافة إلى عفيف، أفضل لاعب في آسيا عام 2019، يتمتع العنابي بكوكبة من الأسماء المميزة، كالمعز علي، هداف وأفضل لاعب في كأس آسيا، والظهير الأيسر عبد الكريم حسن (أفضل لاعب في آسيا 2018)، و”الجوكر” خوخي بوعلام، لكن إسقاط إنجاز الشمشون الكوري الجنوبي على “الأدعم”، قد لا يكون مطابقًا للواقع، خصوصًا أن كوريا الجنوبية دخلت مونديالها متسلحةً بخمس مشاركات سابقة، فضلًا عن ما وصِف بـ”الثورة المطلقة” التي قادها مدربه وقتذاك الهولندي غوس هيدينك، عند استلام مهمته قبل سنة ونصف السنة من كأس العالم، واضعًا معايير مختلفة عن الاختيارات السابقة.
وبالمقابل، تبدو ظروف سانشيس مختلفةً تمامًا، فخلافًا لمضي 5 سنوات على استلامه لمهامه مدربًا للمنتخب الأول، فإن ابن أكاديمية “لا ماسيا” الشهيرة في برشلونة، راكم سنوات متوالية من الإنجازات، بدأها بقيادته لعنابي الشباب إلى كأس آسيا تحت 19 عامًا عام 2014، قبل أن يكمل مشواره مع المجموعة نفسها، حاصدًا كأس آسيا عام 2019 في أبو ظبي الإماراتية.
(أ ف ب)