كاريوس.. قصة حزينة همشها “فصل صلاح وراموس”

انشغل الجميع قبل نهائي دوري أبطال أوروبا بتصريحات صلاح “الثأرية” من ريال مدريد، واسترجعوا في خيالهم مشاهد بكائه عقب تدخّل سيرجيو راموس العنيف، لكنهم أغفلوا ضحيةً أخرى كلّفتها أخطاؤها تحت أنظار أكثر من 60 ألف متفرج مسيرةً بدت واعدة، وبطولة قارية سادسة لليفربول، وتركتها فريسةً التهمتها الضغوطات والانتقادات، ليصبح منبوذًا بين الجماهير ويُترك منسيًا منذ “ليلة كييف”، والحديث عن الحارس الألماني لوريس كاريوس.

وتشاء الأقدار أن تكون المباراة الأخيرة في عقد كاريوس الحالي مع ليفربول والذي ينتهي في حزيران/يونيو 2022، أمام الفريق ذاته الذي أخطأ أمامه مرتين مع بنزيما وبيل قبل 4 سنوات، وفي نهائي المسابقة ذاتها.

ولم يقم أي من زملاء الحارس الألماني أو مدربه ومواطنه يورغن كلوب بإلقاء اللوم عليه، إذ قال مدرب ليفربول، عقب أسبوع من الخسارة بثلاثة أهداف لهدف لموقع ناديه الرسمي: “كل شيء طبيعي هنا.. لا أعرف بالضبط ما الذي يفكر فيه الناس أو يتخيلونه.. الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله هو أنه عانى من ارتجاج في المخ خلال المباراة”.

وتابع: “من تعرض للإصابة بارتجاج يعرف أنه ليس هناك طريقة واحدة تشعر بها بالأعراض، الرجل الذي يعاني منه يكون آخر من يعلم بذلك على الأرجح، بعد أربعة أيام تلقيت مكالمة من فرانس بيكنباور، هو صديق جيد لي.. اتصل بي وقال إنه كان في زيارة للطبيب، وقال لي إن حارس مرماك مصاب بارتجاج في المخ.. قلت: ماذا؟.. لأنه في المباراة، من موقعي في الملعب لم أتمكن من رؤية الاصطدام”، ثم أضاف بيكنباور: “هل ترغب أن يفحص الطبيب الخاص بي حارس مرماك، هو أشهر طبيب في ألمانيا، قلت له على الفور: حسنًا.. أعطني بضع دقائق”.

واصطدم راموس بكاريوس بعد بداية الشوط الثاني بدقيقتين، أي قبل الخطأ الأول الذي منح بنزيما التقدم بـ4 دقائق.

وأضاف كلوب: “حصلت على جميع الصور من مختلف الزوايا في الملعب، شاهدتها وفكرت: كيف يمكننا أن نفكر جميعًا أن كاريوس، الذي لم يُظهر أي أخطاء في هذه المباراة حتى ذلك الحين، قام بارتكاب تلك الأخطاء في مباراة هامة جدًا ولم يتوقع أحد أن السبب هو الضربة على الرأس؟.. كيف لم نفكر في ذلك؟”.

وأتمّ: “لقد تأثر بهذه الضربة، بنسبة 100%، ما الذي يظنه بقية العالم؟.. لا أهتم بذلك… ما يقوله الناس هو أمر غير مهم على الإطلاق”.

وتحدّث البلجيكي مينوليه عن زميله ومنافسه على عرين “الريدز”، وقال: “إذا أراد أن يتحدث، فأنا هنا.. أي حارس معرض للتجربة نفسها.. وسبق لي شخصيًا أن مررت بتجربة مماثلة، هي أمور تعالجها مع نفسك”.

وحاول مدرب الحراس جون آتشتربرغ التخفيف عن لاعبه، قائلًا: “ما حدث لم يكن جيدًا بطبيعة الحال، فهو لم يكن محظوظًا في هذه المباراة.. حاولت أن أجعله يرفع رأسه ليتجاوز الأزمة.. أعرف أن الأمر صعب، ولكن هذه هي الحياة في كرة القدم”.

وكان رد فعل كاريوس الأول هو الاعتذار بعد تلك الليلة، إذ كتب عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي: “أعتذر لزملائي ولكم أيها الجمهور ولجميع أعضاء الفريق”، قبل أن تفتح شرطة بريطانيا التحقيق في تهديدات بالقتل تلقاها الحارس بالإضافة إلى أفراد عائلته، مضيفًا: “نأخذ المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مأخذ الجد، وسنحقق في محتواها، ونحن على علم بوجود تعليقات وتهديدات، ونود أن ننبه رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن أي تعليق فيه تهديد سيكون محل تحقيق”.

وبعد مرور شهرين وقبل إتمام إعارته لنادي بشكتاش التركي، استرجع كاريوس ذكريات النهائي لصحيفة “بيلد” الألمانية: “لا يمكنني أن أفسر ما حدث أمام ريال مدريد، ولا أريد ذلك، أريد فقط استعادة ثقتي بنفسي، لا أعلم ما إن كان راموس تعمّد الاصطدام بي أم لا، الوحيد الذي يعرف ذلك هو راموس نفسه، سقطت على الأرض وقلت: ماذا يحدث؟”.

وأردف: “الأدرينالين كان يجري في عروقي وأردت أن أكمل المباراة، علمت أني أصبت بارتجاج بالمخ بسبب هذا الاصطدام بعدما أجريت الفحوصات عقب نهاية اللقاء، كنت سعيدًا لأنني أخيرًا أدركت تفسير ما حدث، كان هناك الكثير من الإهانة والسخرية وسوء المعاملة.. لم أستخدم تلك النتيجة كذريعة مطلقًا، لكن عندما يسخر الناس من شخص تعرض لإصابة بالغة في رأسه لا أفهم الأمر، كان عليّ أن أكون أكثر شراسة”.

ولم يكن كاريوس معتادًا على الضغط، فبعدما اشترى ليفربول عقده من ماينز بستة ملايين يورو في 2016، تحدّث الحارس البالغ من العمر 24 عامًا حينها: “حينما نخسر مباراة بقميص ماينز، كانت الجماهير تقول لنا لا تقلقوا، وضعنا جيد، نتمنى أن نفوز في المرة المقبلة.. في ليفربول، لا يمكنك أن تدرك حجم هذا النادي، مشجعوه بالملايين، وجميعهم يريدون معرفة كل شيء ويكوّنون آراء حول جميع الأمور”.

وبلغت القيمة السوقية للوريس قبل ليلة النهائي 12 مليون يورو، وهي أعلى نقطة وصلت إليها في مسيرته، إلا أنها انخفضت حتى وصلت إلى مليون ونصف يورو فقط حتى كتابة هذه السطور من موقع “العربية”.

ولم يلعب كاريوس أي مباراة رسمية بقميص ليفربول منذ الهزيمة في النهائي من ريال مدريد، دافع قبلها عن مرماه في 49 مباراة، خرج منها بشباك نظيفة خلال 22 مرة، واستقبل 47 هدفًا في المباريات المتبقية، ثم قرر الانتقال في إعارة إلى بشكتاش التركي في آب/أغسطس 2018، خاض بعدها 67 لقاء، اهتزت شباكه خلالها 95 مرة، واستطاع الحفاظ على نظافتها 14 مرة.

ومنعته المشاكل المالية بالنادي التركي من إكمال عقد إعارته، ففي أيار/مايو 2020، كتب كاريوس عبر صفحته على “إنستغرام”: “اليوم أنهيت تعاقدي مع بشكتاش.. يؤلمني أن ينتهي الأمر بهذا الشكل، ولكنني فعلت كل شيء لحل الموقف دون مشكلات.. لقد كنت صبورًا لعدة أشهر وتحدثت مع إدارة النادي مرارًا وتكرارًا”.

وأشارت التقارير إلى أن سبب رحيله كان عدم حصوله على رواتبه بانتظام.

ومع مطلع موسم 2020-2021، أعاره ليفربول مرةً أخرى إلى يونيون برلين الألماني، وبدا أن الحارس تخطى ما حدث في كييف ولم يعد يلتفت إليه، حيث قال للموقع الرسمي للبوندسليغا: “هدفي هو أن أثبت نفسي مجددًا، لأنه للأسف الناس هنا في ألمانيا لم تعد تتذكر ما قدمته هنا قبل سنوات، يا له من عار”.

وتابع: “لعبت أكثر من 60 مباراة منذ نهائي الأبطال، لم أعد أريد أن أتحدث عن تلك الليلة، إنها من الماضي الآن، الصحافيون فقط هم من يريدون الحديث عنها”.

وواجه لوريس صعوبةً في حجز مكانه بشكل أساسي في تشكيلة يونيون برلين، حيث ظهر 5 مرات فقط طوال موسم 2020-2021، وخرج بشباك نظيفة في 3 مباريات واستقبل 4 أهداف في المباراتين الأخرتين، ثم عاد إلى ليفربول بعد نهاية الإعارة بداية الموسم الحالي.

ولم يقف أي دقيقة تحت عارضة وبين قائمي “أنفيلد” أو خارجه في ملاعب خصوم ليفربول طوال الموسم، وفاجأه تصريح كلوب القاسي، حينما قال: “أخبرناه بأن يجد فريقًا آخر في بداية الموسم، لكن هذا لم يحدث، علي أي حال أليسون هو حارسنا الأول، ثم كيلير ثم أدريان ثم مارسيلو.. وكاريوس هو الخيار رقم خمسة، لكن الأقسى هو كيف أثرّ خطآن غير قابلين للغفران على مسيرةٍ أصبحت غير قابلة للإصلاح”.

(العربية)

آخر الأخبار: