عندما سُئل الجناح البرازيلي رودريغو، يوم قبل أمس الثلاثاء، ما هي أهم نصيحة وجهّها له زميله المهاجم الفرنسي كريم بنزيما، أجاب سريعًا: “أن أمرّر له الكرة”.
إيصال الكرة لبنزيما كان استراتيجيةً ناجحةً تمامًا هذا الموسم لريال مدريد الإسباني، الذي يعوّل مجددًا على هدافه الفرنسي لمحاولة الفوز، يوم بعد غد السبت، بلقبه الرابع عشر في مسابقة دوري أبطال أوروبا على حساب ليفربول الإنجليزي، حين يلتقي الفريقان في باريس.
فرض بنزيما نفسه أفضل لاعب هذا الموسم، ليس في إسبانيا وحسب، بل في أوروبا بأكملها، بعدما وصل إلى الشباك 49 مرة في 52 مباراة خاضها ضمن جميع المسابقات.
وتفوّق بنزيما على خصمه المقبل في نهائي السبت المنتظر، النجم المصري محمد صلاح، الذي سجّل 33 هدفاً في 59 مباراة، ومواطنه نجم باريس سان جيرمان كيليان مبابي (43 هدفًا في 49 لقاء) الذي تصدر العناوين في الأيام القليلة الماضية بعد قراره البقاء في نادي العاصمة الفرنسية عوضًا عن الالتحاق بريال.
وإذا نجح ريال في الفوز على ليفربول السبت في باريس، سيضمن بنزيما إلى حد كبير الفوز بالكرة الذهبية لأوّل مرة في مسيرته والتفوق على لاعبين، مثل صلاح وزميله في “الحمر” السنغالي ساديو ماني.
وكان الموسم خرافيًا بالنسبة لبنزيما، إذ قدّم أفضل أداء له مع ريال منذ انضمامه إلى النادي الملكي عام 2009 من ليون، وسجّل أكبر عدد أهداف له في موسم واحد مع الفريق وأكبر عدد أهداف له في دوري أبطال أوروبا.
“هدية لأي شخص يحب كرة القدم“
وفي طريقه إلى النهائي، بات بنزيما (34 عامًا) أكبر لاعب يسجل ثلاثية في المسابقة القارية الأم وأفضل هدافيها الفرنسيين عبر التاريخ.
وإذا نجح في تسجيل هدفين في نهائي السبت، سيعادل رقم زميله السابق البرتغالي كريستيانو رونالدو من حيث عدد الأهداف في المسابقة خلال موسم واحد (17).
وبالنسبة لمدربه السابق في ريال، مواطنه زين الدين زيدان، الذي يعتبره بنزيما بمثابة الأخ الأكبر، فإن مهاجم ليون السابق “هدية لأي شخص يحب كرة القدم”، و”لاعب الكرة الشاملة”، و”الأفضل”.
ومن جهته، رأى النجم الفرنسي السابق جان بيير بابان، الفائز بالكرة الذهبية، أن “بنزيما يتمتع بقوة رونالدو وسرعة (البرازيلي) رونالدينيو وأناقة (الفرنسي تييري) هنري، وغريزة (الفرنسي الآخر) دافيد تريزيجيه”.
وفي ريال مدريد “نبحث عنه على الدوام”، وفق ما أفاد رودريغو، معتبرًا زميله “ظاهرة”.
أن تسجل هدفين في نهائي دوري الأبطال ضد فريق من عيار ليفربول أمر غير محتمل، لكن أحدًا ليس باستطاعته إقصاء هذه الاحتمالية في ظل المستوى الخرافي الذي يقدمه بنزيما هذا الموسم.
وجد الفرنسي طريقه إلى الشباك في 10 مناسبات خلال الأدوار الإقصائية للنسخة الحالية من المسابقة القارية الأم، مقصيًا خصومًا من العيار الثقيل، على غرار سان جيرمان وثلاثية مبابي وليونيل ميسي ونيمار، بتسجيله ثلاثية في إياب ثمن النهائي، قبل أن يكرر الأمر ضد تشيلسي حامل اللقب، وصولًا إلى ثنائيته في ذهاب نصف النهائي ضد مانشستر سيتي الإنجليزي، إضافةً إلى هدفي التأهل في الوقت الإضافي من لقاءي الإياب ضد تشيلسي وسيتي.
وبعد ربع النهائي وتجريد تشيلسي من اللقب القاري، كتبت صحيفة “أس” الإسبانية: “فاز مدريد لأنه يملك بنزيما وتشيلسي لا يملكه”.
وتابعت: “في الحقيقة، أحد لا يملك لاعبًا مثل بنزيما الذي يلعب في ستة مراكز مختلفة، غالباً في نفس الحركة (الهجومية)”.
“قائد أكثر فأكثر كل يوم“
يوم الأحد الماضي، وبينما كان ريال يترنح من الصفعة التي وجهها له مبابي قبلها بيوم بقراره البقاء مع سان جيرمان خلافًا للتوقعات، كان من المستحيل عدم التساؤل عما إذا كان بنزيما قد تنفس الصعداء قليلًا.
بنزيما تألق بعدما خرج من ظل رونالدو، الذي قرر الرحيل عن النادي الملكي في صيف 2018 للانضمام إلى يوفنتوس الإيطالي، ووصول لاعب من عيار مبابي وهالته الإعلامية كان سيُعيده على الأرجح إلى ما كان عليه سابقًا.
وأثبت بنزيما أنه “لاعب يشعر وكأنه قائد أكثر فأكثر كل يوم، ويشعر بأهمية أكبر في الفريق”، وفق مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي، مضيفًا: “هذا ما يصنع الفارق فيه، هذه الشخصية”.
لأعوام طويلة، كان الافتراض دائمًا بأن بنزيما لاعب لا يحظى بالتقدير اللازم، لاعب قد يكون دائمًا موضع تقدير في ريال مدريد، لكن من دون أن يراه الآخرون خارج أسوار “سانتياغو برنابيو” مهاجمًا من العيار الثقيل.
اللعب في ظل رونالدو وغيابه عن المنتخب الفرنسي لستة أعوام، بما في ذلك كأس العالم التي فازت بها فرنسا عام 2018، كان لهما دور كبير في التقليل من قيمة بنزيما على الساحة القارية، لكن لم تكن هناك أيضًا بطولة يمكن القول عنها بأنها مسرح بنزيما، بطولة يمكن أن ترتبط باسمه على غرار زميله السابق رونالدو، أفضل هداف في تاريخ دوري الأبطال، لكن الآن وبعد الدور الذي لعبه في وصول ريال مدريد إلى نهائي السبت، سيكون التتويج باللقب فرصة لتدوين اسمه بين الأفضل في تاريخ المسابقة القارية الأم.
وفي سن الرابعة والثلاثين، يتطلع بنزيما للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة في ثمانية أعوام، ليضيفه إلى أربعة ألقاب في الدوري الإسباني ولقبين في الكأس الإسبانية وأربعة في كأس العالم للأندية وثلاثة في الكأس السوبر الأوروبية، كما توج هذا الموسم بلقب هداف الدوري الإسباني، لكن على الرغم من جميع الألقاب التي أحرزها والثناء الذي ناله أو حُرِمَ منه وإنجازاته الكبيرة حتى الآن، فقد يكون نهائي دوري أبطال أوروبا هذا مختلفًا.
سيكون لقبًا لريال مدريد، لكن انتصارًا شخصيًا لبنزيما أكثر من أي شخص آخر.
(أ ف ب)