يعرف المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي أكثر من أي شخص آخر مدى السرعة التي يمكن أن تتغير فيها الأمور في ريال مدريد.
وبعد قلب الطاولة على باريس سان جيرمان الفرنسي، كان ريال مدريد مبتهجاً لأسباب عدة: هزيمة أحد أندية النخبة الأوروبية، وإذلال منافس اقتصادي، وتحييد الأرجنتيني ليونيل ميسي، وإقناع كيليان مبابي بجدوى الانتقال، كما يعتقد كثيرون.
وكان النادي الملكي على وشك حسم لقب الدوري الإسباني، وفجأةً بات منافسًا مرشحًا لدوري أبطال أوروبا.
وبعد ثلاثة أسابيع، ما يزال التقدم في الدوري على حاله بفضل الفوز الهزيل وإن كان جيدًا معنويًا، على سيلتا فيغو، يوم السبت الماضي، لكن لا فضل لأنشيلوتي.
وكان ريال مدريد ينتظر حتى اليوم الثلاثاء، ليقرر ما إذا كان مدربه سيتمكن من السفر معه إلى ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام تشيلسي الإنجليزي، يوم غد الأربعاء، بعدما جاءت نتيجة اختباره إيجابية بكوفيد-19 الأسبوع الماضي.
وقد تكون نتيجة هذه المواجهة حاسمةً حيال ما إذا كان سيواصل الإيطالي تدريب ريال مدريد الموسم المقبل من عدمه، وذلك لأن خسارة الكلاسيكو المذلة على أرضه أمام برشلونة كانت لها مفاعيلها، فتخيّل أن ثمانية أشهر من العمل والمجهود المثيرين، يمكن أن تمحى بشكل شبه تام في 90 دقيقة كارثية.
وكان أنشيلوتي عرضةً لانتقادات بسبب أسلوب الفريق في الهجمات المرتدة وافتقاره إلى التناوب، خصوصًا كيفية الهزيمة أمام سان جيرمان في مباراة الذهاب، لكن الحفاظ على صدارة الدوري حال دون قطع الشك.
والخسارة برباعية نظيفة أمام برشلونة وعلى ملعب “سانتياغو بيرنابيو”، أعادت الشكوك إلى الواجهة، لأسباب ليس أقلها أن تلك النتيجة كانت بمثابة تحذير لما قد يأتي.
ويتأخر برشلونة بفارق 11 نقطة عن ريال مدريد في جدول الترتيب، لكن الفريق الشاب الصاعد لتشافي هيرنانديز هو الذي سينهي الموسم باعتباره أقوى فريق في إسبانيا.
وبالنسبة إلى أنشيلوتي، تعني الهزيمة في الكلاسيكو أن الفوز بالدوري الإسباني ربما لم يعد كافيًا.
وبالتالي، فإن كيفية فوزهم باللقب مع بقاء ثماني مراحل على النهاية، وكيف سيكون أداؤهم ضد تشيلسي، سيحددان كيف يُنظر إلى العام الأول من ولاية أنشيلوتي الثانية.
والتقى رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، بأنشيلوتي خلال فترة التوقف الدولي، وبينما طمأن بيريز أنشيلوتي بأن مستقبله آمن، كانت الحاجة كبيرةً إلى إجراء محادثات.
وعندما أُقيل أنشيلوتي من ريال مدريد في العام 2015، بعد عام من فوزه بدوري أبطال أوروبا، أقرّ لاحقًا بأن اللحظة التي قيل له فيها إنه سيلتقي بيريز، كانت حينها عندما علم للمرة الأولى أن أيامه أصبحت معدودة.
خيارات أكثر إقناعاً
كانت عودة أنشيلوتي الصيف الماضي مفاجأةً للجميع، من ضمنهم هو وبيريز.
لقد كانت مجرد محادثة بالصدفة بينهما وأثمرت فكرة تشكّلت سريعاً، وقال أنشيلوتي حينها: “لقد حدث الأمر بسرعة”.
وقد ساهم ذلك في الشعور بأن هذا التعيين قصير الأجل، ويمكن إنهاؤه من دون ضجة كبيرة أو غرامة مالية.
وإذا ما كُتب الفراق هذا الصيف، فمن غير المرجح أن يكون مرًّا، فمع الفوز بلقب الدوري، سيعتبر الطرفان ذلك موسمًا ناجحًا، لكن تعيين أنشيلوتي ربما كان أيضًا انعكاسًا للسوق الصيف الماضي، عندما كان هناك ندرةً في المدربين الكبار المتاحين.
وعلى سبيل المثال، وبدأ برشلونة بالبحث عن بديل للهولندي رونالد كومان، لكنه ظل عالقًا معه، بعدما وجد أن لا شخص مناسبًا حينها، وكذلك مانشستر يونايتد الإنجليزي، الذي أبقى على النروجي أولي غونار سولشاير، فيما عاد يوفنتوس الإيطالي إلى ماكسميليانو أليغري.
وقد تكون الخيارات أكثر إقناعًا في الصيف المقبل، إذ من المتوقع أن ينفصل الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو عن سان جيرمان، وقد يكون إريك تن هاغ مستعدًا لمغادرة أياكس الهولندي، كما سيكون راؤول غونزاليس، المهاجم الأسطوري السابق لريال مدريد، قد أكمل ثلاث سنوات مع الفريق الثاني، ويمكن أن يكون جاهزًا لمتابعة نهج الفرنسي زين الدين زيدان.
وإذا ما نظرنا إلى وضع ملكية تشلسي، فربما يكون الألماني توماس توخيل خيارًا يمكن إغراؤه.
وحتى إذا وُجد حل لمستقبل تشيلسي واطمأن توخيل، فإن وجوده في هذه المواجهة أمر محرج بالنسبة لأنشيلوتي، إذ أنه الألماني الذي يمثل نوع المدرب الأصغر والأكثر تقدمية الذي تجنبه مدريد حتى الآن، ولكن قد يحتاج إليه في السباق مع برشلونة تشافي.
ويجب أن يكون الأداء الإيجابي كافيًا لإقناع بيريز بأن أنشيلوتي يستحق موسمًا ثانيًا، خصوصًا مع توقع انضمام مبابي في الصيف.
ولدى أنشيلوتي سجل حافل في انتزاع الأفضل من أفضل اللاعبين، وكان عمله مع البرازيلي فينيسيوس جونيور، الذي يلعب حاليًا في مركز مبابي، تحولًا كبيرًا، لكن الهزيمة أمام تشيلسي، أن حدثت، ستجعل أنشيلوتي معرضًا للخطر، وستجتمع خسارة الكلاسيكو في الوقت الذي يجمع فيه منتقدوه الذخيرة لإسقاطه.
وعليه، فأنشيلوتي يعرف أن لا هامش للخطأ.
(أ ف ب)