بدا برشلونة الإسباني يائسًا للمحافظة على خدمات نجمه وقائده الأرجنتيني ليونيل ميسي، فيما عبّر الأخير عن رغبته في البقاء في ملعب “كامب نو”، كما أظهرت الدموع التي ذرفها في المؤتمر الصحافي الوداعي الأحد.
ولكن، لماذا إذن غادر “البرغوث” النادي الوحيد الذي دافع عن قميصه في مسيرته الاحترافية التي استمرت 17 عامًا؟
أكد برشلونة أنه لم يكن أمامه خيار سوى التخلي عن النجم البالغ 34 عامًا، في صفقة انتقال مجانية بعد انتهاء عقده في يونيو، كونه يكافح لخفض الديون التي يرزح تحتها والتي تبلغ 1.2 مليار يورو.
ومن ناحيته، ولإثبات حسن نيته وافق ميسي على تخفيض راتبه بنسبة 50 في المئة، إذ أشارت الدراسات إلى أن قيمته التجارية للنادي تجاوزت بكثير التكلفة الفلكية لراتبه.
ورغم الخطوة الإيجابية من الأرجنتيني، فإن هذه الديون والحاجة إلى الامتثال لحد أقصى صارم لرواتب الدوري الإسباني أجبرت ميسي على مغادرة برشلونة من الباب الضيق.
بدد الكاتالونيون مبلغ 222 مليون يورو حصلوا عليه من باريس سان جيرمان الفرنسي في 2017 جراء صفقة انتقال البرازيلي نيمار إلى صفوف نادي العاصمة، من خلال الالتزام بدفع رسوم انتقال تزيد على 100 مليون يورو مع مردود رياضي خجول لكل من البرازيلي فيليب كوتينيو والمهاجمين الفرنسيين أنطوان غريزمان وعثمان ديمبيليه.
وأقرّ رئيس برشلونة جوان لابورتا أن خسائر النادي في الموسم الماضي وحده بلغت قرابة 500 مليون يورو، وأصرّ على أنه لا يستطيع رهن مستقبل النادي لأي لاعب، ومنهم ميسي.
من ناحية أخرى، عانت الأندية في القسمين الأولين في إسبانيا من خسائر في الأرباح بلغ مجموعها 2.013 مليار يورو 2019-2020 و2020-2021 بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا التي أرهقت عالم الكرة المستديرة.
وتنص قوانين رابطة الدوري الإسباني على أنه لا يمكن تسجيل في الدوري أي ناد إسباني تجاوز الحد الأقصى للرواتب المحدد من قبلها في حالة برشلونة فإن المبلغ هو 348 مليون يورو في 2020-2021، غير أن النادي تجاوزه في نهاية الموسم الماضي، علماً أنه أقل بكثير من المبلغ الخرافي في الفصل السابق والذي بلغ 671.4 مليون يورو، ولذا لم تتسامح رابطة الدوري مع المزيد من الفشل المالي.
في المقابل، أقرّ لابورتا أيضًا أن مجمل رواتب النادي مع ميسي بلغت 110 في المئة. ولكن حتى مع وجود الأرجنتيني خارج كاتالونيا، كان من الممكن أن ترتفع كثيرًا هذه النسبة لتصل إلى 95 في المئة، وهو أمر لا يمكن للنادي الكاتالوني تحمله.
تساءل البعض لماذا لا يستطيع الأرجنتيني، إذا كان فعلاً يحب النادي، البقاء واللعب مجانًا. غير أن هؤلاء تجاهلوا حقيقة أنه من السخف التفكير في أن أفضل لاعب في العالم يمكنه أو ينبغي أن يوافق على ذلك، كما من الممكن أن يكون ذلك مستحيلاً.
ومن دون التقيّد بقواعد الحد الأقصى للرواتب، لا يُسمح لبرشلونة تسجيل أي تعاقدات جديدة. ومع انتهاء عقد ميسي السابق في يونيو، كان سيعتبر توقيعًا جديدًا.
ويثير هذا أيضًا تساؤلات حول التعاقدات الصيفية التي قام بها برشلونة، مع استقدام المهاجمَين الهولندي ممفيس ديباي من ليون الفرنسي والأرجنتيني سيرجيو أغويرو والمدافع إريك غارسيا من مانشسر سيتي الإنجليزي في انتقالات مجانية، كما دفع النادي تسعة ملايين يورو لتفعيل بند إعادة الظهير الايمن البرازيلي ايميرسون من ريال بيتيس.
كما قد يتساءل البعض لماذا لا يمكن أن تكون رابطة الدوري الإسباني أكثر مرونة، بالنظر إلى الإيرادات التي سيجلبها بقاء ميسي إذ يعتبر أفضل ممثل عالمي للكرة الإسبانية مع تزايد الاهتمام بـ “الليغا” في ظل وجود النجم الأرجنتيني.
ومقابل تخفيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” القيود بشأن قواعد اللعب النظيف المالية الخاصة به لمساعدة الأندية المتضررة من جائحة “كوفيد-19″، لم تبدِ رابطة الدوري الإسباني تساهلاً من هذه الناحية بل بخلاف ذلك تمسكت بمواقفها الصارمة، ما حال دون بقاء ميسي في صفوف برشلونة.
(أ ف ب)
آخر أخبار: