يوم عاد الفرنسي زين الدين زيدان إلى الإدارة الفنية لريال مدريد في آذار/مارس 2019 كان صريحًا بإعلانه أن استعادة لقب الدوري الإسباني هي “أولوية” الموسم الآتي، وها هو يفي بوعده بعد قرابة 16 شهراً.
حقق النادي الملكي لقبه الـ34 في “الليغا”، والثاني بإشراف زيدان بعد أول عام 2017، بفوزه على فياريال (2 – 1)، يوم الخميس، في المرحلة الـ37 ما قبل الأخيرة من موسم عكّره “كوفيد-19″، وخسارة برشلونة حامل اللقب بالنتيجة ذاتها أمام ضيفه أوساسونا.
لقب هو الثاني في الدوري لريال في السنوات الثماني الأخيرة، والمفارقة أنهما كانا مع المدرب ذاته: زيدان الذي حقق مع الريال اليوم لقبه الـ12 في مختلف المسابقات.
بعد فترة أولى على رأس الطاقم التدريبي لنادي العاصمة بين كانون الثاني/يناير 2016 وأيار/مايو 2018، حقق خلالها إنجازًا تاريخيًا بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا، فاجأ «زيزو» عالم كرة القدم بإعلانه الرحيل عن النادي.
قال يومها: «حان الوقت للمضي قدماً نحو تحدٍ جديد»، متابعاً: «لا أرى أنني سأواصل الفوز في السنة المقبلة، وأنا شخص فائز ولا أحب أن أخسر.. أعتقد أنه الوقت (المناسب) بالنسبة للجميع، لي، وللفريق».
بدا الأمر غريباً بعدما قاد الريال في موسمين ونصف موسم الى تسعة ألقاب بينها دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات توالياً، والدوري الإسباني، وكأس العالم للأندية مرتين.
وبعدها، بدا ريال مدريد تائهاً من دونه، حيث تعاقدت إدارة النادي برئاسة فلورنتينو بيريز مع غولن لوبيتغي الذي لم يصمد أكثر من ثلاثة أشهر، فيما اكتفى خلفه الأرجنتيني سانتياغو سولاري بأربعة أشهر، ليعود زيدان إلى القلعة البيضاء في مهمة المنقذ بعد قرابة 10 أشهر من رحيله.
عند العودة، كان الهدف واضحاً: «الموسم المقبل، الفوز بـ(الليغا) سيكون الأولوية، لا يمكنني القول إننا سنفوز بها، ولكننا سنقاتل من أجلها حتى الرمق الأخير».
ردد ذلك مع كل من تحدث معه، أكان لاعباً أو صحافياً أو إدارياً، حتى خلال الفترة التحضيرية للموسم في جولة الولايات المتحدة وكندا.
وعلى رغم أن الدولي الفرنسي السابق المتوج بلقب كأس العالم عام 1998 مع منتخب بلاده، فاز بلقب الدوري المحلي في تجربته الأولى مع قطب العاصمة الإسبانية، لكنه يكسب اليوم رهان العودة، بكسر سيطرة الغريم برشلونة ونجمه القائد الأرجنتيني ليونيل ميسي (ثمانية ألقاب في آخر 11 عاماً).
وعلى الرغم من فوزه بلقب دوري أبطال أوروبا 2018 على حساب ليفربول الإنجليزي، إلا أن زيدان اعتبر أن إنهاء الدوري المحلي في المركز الثالث بفارق 17 نقطة عن برشلونة، كان فشلاً، وشكّل حافزاً للثأر في موسمه الأول الكامل بعد العودة.
المدرب الفرنسي: اليوم يمكنني رسم أجمل ابتسامة لي
اختصر زين الدين زيدان (48 عاماً) لقب 2019-2020 بعبارة: «هو الأفضل في مسيرتي الاحترافية».
وأضاف: «أنا الشخص الأكثر سعادة هذا المساء، لا أعبّر كثيراً، لكن في داخلي أنا سعيد جداً.. الفوز بالليغا صعب جداً، ودائماً ما كنت أقول إننا لم نفز بأي أمر بعد».
وتابع: «لكن اليوم نعم، لقد فزنا، ويمكنني أن أرسم أجمل ابتسامة لي».
يُذكر أن الأداء التهديفي للريال متراجع هذا الموسم (68 هدفاً مع تبقي مرحلة واحدة)، إلا أن شباكه استقبلت 23 هدفاً فقط، ولم يسجل أي فريق أكثر من هدفين في مرماه في مباراة واحدة.
يعرف غرفة تبديل الملابس.. وكيف يفكر اللاعبون
يعود الفضل بفوز «لوس بلانكوس» بلقب الليغا لمعرفة زيدان بقوة فريقه ولاعتماده على تشكيلة متجانسة.
لم يلمع بريق النجوم أسوة بالفترة الأولى التي أمضاها زيدان كلاعب بالقميص الأبيض، لكنه نجح في أن يضمن تقديم لاعبيه المستوى والذهنية للمنافسة على اللقب حتى النهاية.
توقف الدوري في مارس بسبب فيروس كورونا المستجد، وريال كان بعيداً بفارق نقطتين خلف برشلونة المتصدر.
لكن النادي الملكي ضرب بقوة بعد العودة، وحقق 10 انتصارات في 10 مباريات، على رغم أنها لم تكن كلها بأداء مقنع أو نتائج كبيرة.
وحتى خلال الفترة الأولى الزاخرة بالألقاب، لم يسلم زيدان من انتقادات المعلقين الذين اعتبر بعضهم أنه لم يكن ناجحاً على الصعيد التكتيكي، بل كان قائداً جيداً لمجموعة نجوم.
أقر قبل نهائي دوري الأبطال في كييف 2018 «لست أفضل مدرب على الصعيد التكتيكي، الا أن لدي أموراً أخرى.. أعرف غرفة تبديل الملابس بشكل جيد جداً، وأعرف كيف يفكر اللاعبون، وهذا مهم بالنسبة إليّ».
(أ ف ب)