قد يرى الكثيرون أن فريقًا بحجم ريال مدريد لا يجب أن يعاني قبل مرحلتين على ختام موسم يسير فيه نحو إحراز لقب الدوري الإسباني لكرة القدم أمام منافس من طينة غرناطة لكن مدربه الفرنسي زين الدين زيدان كان له مقاربة مختلفة بعد انتصار يوم أمس الاثنين (2 – 1)، معتبرًا المعاناة طريقًا “لتحقيق أمور جيدة وعرفنا كيف نعاني”.
وبات ريال على بعد فوز واحد من إزاحة غريمه برشلونة عن عرش الدوري الإسباني الذي تربع عليه في الموسمين الماضيين، بعدما حقق الاثنين فوزه التاسع تواليًا منذ العودة من توقف لثلاثة أشهر بسبب فيروس كورونا المستجد.
ومن المؤكد أن فرحة التتويج الرابع والثلاثين للنادي الملكي ستكون ألذ طعمًا لو تمكن ريال من الاحتفال به بحضور جمهوره الغفير، لكن لسوء الحظ حرمه فيروس “كوفيد-19” من هذه الفرصة بعدما فرض إكمال الموسم خلف أبواب موصدة.
كما أن التتويج في حال حسم الخميس، سيكون على ملعب “ألفريدو دي ستيفانو” عوضا عن المعقل التاريخي “سانتياغو برنابيو”، بسبب الأعمال الحاصلة حاليا في الأخير.
وبدا الفريق الملكي في طريقه لفوز كاسح على منافس خسر جميع مبارياته الـ13 السابقة أمام الـ”ميرنغي” في الدوري، باستثناء واحدة، تعود الى شباط/فبراير 2012، حين أهداه نجم يوفنتوس الإيطالي الحالي البرتغالي كريستيانو رونالدو النقاط الثلاث بهدف عن طريق الخطأ في مرمى فريقه، وذلك بتقدمه بهدفين بنكهة فرنسية لفيرلان مندي وكريم بنزيمة بعد قرابة ربع ساعة على البداية.
لكن أداءه تراجع بعد ذلك، لا سيما في الشوط الثاني وسمح لمضيفه في العودة إلى اللقاء وتقليص الفارق ووضع ضيفه العملاق تحت ضغط هائل في الدقائق الأخيرة قبل أن ينجح الأخير في السير بالمباراة الى بر الأمان، ما وضعه أمام فرصة حسم اللقب الخميس قبل مرحلة ختام الموسم في حال فوزه على ضيفه فياريال بغض النظر عما سيحققه غريمه وملاحقه برشلونة.
ويدين ريال بحصوله على فرصة استعادة اللقب بشكل كبير إلى مدربه زيدان، الذي كان آخر من يقود إلى التتويج في “لا ليغا” عام 2017، قبل أن يتركه في صيف 2018، بعد نيله اللقب الثالث تواليًا في دوري الأبطال.
وشدد زيدان، الذي عاد لاستلام دفة قيادة نادي العاصمة في آذار/مارس 2019 بعقد حتى 2022 بعد فشل غولن لوبيتيغي وخلفه الأرجنتيني سانتياغو سولاري في مهمتهما، على ضرورة “أن نكون فخورين جدًا بالفريق لأنه ليس من السهل تحقيق 9 انتصارات في 9 مباريات”.
ورأى الفرنسي أنه “قدمنا أداء جيدًا في الشوط الأول. كان استحواذنا على الكرة مذهلًا وسجلنا هدفين رائعين”.
لكنه أقر بأن “الشوط الثاني كان أسوأ وعانينا قليلًا لأننا واجهنا منافسًا قويًا جدًا”، مشددًا: “لا بد من المعاناة لتحقيق أمور جيدة وأسلط الضوء على معاناة اللاعبين لأننا عرفنا كيف نصمد كفريق.. أنا فخور باللاعبين لأنهم من يناضل وقد عرفوا كيف يعانون في الشوط الثاني وهذا مهم جدًا، بإمكاننا تسليط الضوء على الشوط الأول، لكني أركز على الشوط الثاني لأننا عرفنا كيف نعاني”.
وعن تحقيق تسعة انتصارات متتالية منذ استئناف الموسم بعد أن حقق فوزًا وحيدًا مقابل هزيمتين وتعادل في مبارياته الأربع التي سبقت التوقف، قال الفرنسي: “لا يمكننا طلب المزيد، كان فوزًا مستحقًا ونحن سعداء جدا”.
وحذر: “لدينا مباراتان أخريان ولم نفز بأي شيء بعد، لقد حققنا ثلاث نقاط مهمة، لكننا سنلعب يوم الخميس وعلينا التعافي سريعًا.. نتطلع للفوز بالليغا وبكل شيء أمامنا، لقد اقتربنا من تحقيق غايتنا، لكننا لم نصل الى الهدف بعد”.
وما أن أعلن حكم اللقاء نهاية المباراة حتى أطلق زيدان صرخةً كبيرةً، وقد برر ذلك بأنه كان “سعيدًا لأن كرة القدم جميلةً جداً لكن فيها معاناة، المدرب يعاني أيضًا.. عندما أرى اللاعبين يعانون فإن صرخة كهذه أمر طبيعي لأنها ثلاث نقاط مهمة وفي الليغا هذا يعني ان اللاعبين قدموا أداء رائعًا”.
واستحق ريال أن يصل الى الأمتار الأخيرة وهو في هذا الموقع، إذ تألق في الخطوط الأمامية بتمتعه بثاني أفضل هجوم في الدوري خلف برشلونة (66 هدفا مقابل 80) وأفضل دفاع (تلقت شباكه 22 هدفًا فقط ولم تهتز في المباريات الخمس التي سبقت لقاء غرناطة).
كما تميز ريال هذا الموسم بتنوعه الهجومي، إذ أنه الفريق الوحيد في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى الذي سجل له 21 لاعبًا مختلفًا هذا الموسم في مقدمهم بنزيمة الذي ما زال يملك فرصة إزاحة نجم برشلونة وقائده ليونيل ميسي عن عرش ترتيب الهدافين في المباراتين الأخيرتين (19 للفرنسي مقابل 22 لأفضل لاعب في العالم).
ويبقى الأهم بالنسبة لزيدان بعد أن يسدل الستار على معركة لقب “لا ليغا” مع برشلونة، أن يتمكن من فريقه من قلب الخسارة التي تلقاها في ذهاب ثمن النهائي على أرضه أمام مانشستر سيتي الإنجليزي (2 – 1) حين يحل ضيفًا على الأخير في السابع من آب/أغسطس من أجل مواصلة الحلم باحراز لقبه الرابع في المسابقة كمدرب للنادي الملكي.
(أ ف ب)