عاد نادي ليفربول ليصبح من القوى العظمى في كرة القدم الأوروبية بعد الغياب لعدة سنوات عن منصات التتويج وتذبب الأداء والمستوى الذي يقدمه الفريق في كافة البطولات التي شارك بها.
عام 2015 كان مفصليًا في تاريخ النادي الإنجليزي، مع توقيعه مع المدرب الألماني الكبير، يورغن كلوب، الذي وضع بصمته في تشكيلة الفريق، والفكر العام داخل النادي، عندما بنى تشكيلة جديدة بعيدًا عن ما قدمه المدربين السابقين.
لا يشك أي من المتابعين أن تأثير كلوب كان الأكبر بين أروقة نادي ليفربول، فهو القائد الفعلي، وصاحب الشخصية القوية، والتي يفرضها على جميع اللاعبين، ناشئين وصغار والسن، وكذلك المخضرمين وأصحاب القامات في عالم كرة القدم، لكن من كان الأكثر تأثيرًا من بين اللاعبين الحاليين في ما وصل له النادي الإنجليزي العريق؟.
تدور أكثر التفضيلات في فلك لاعبين إثنين، الأول قاد الفريق هجوميًا، ووصل به لتحقيق أرقام غير مسبوقة، فاز بموسمه الأول بلقب الهداف، وأفضل لاعب في الدوري، وتابع في المواسم التالية ما بناه في أولى مواسمه، وقاد الفريق لحصد البطولات في ثاني موسم، وأهمها دوري أبطال أوروبا، وهو النجم المصري محمد صلاح.
التفضيل الثاني يصب في خانة لاعب، كان صاحب الفضل الأكبر في تحول خط دفاع الفريق، من عادي، لخارق، ممتاز، صعب على الخصوم، وبدون مقدمات، اندمج نجم الدفاع الهولندي، فيرجيل فان دايك، في تشكيلة كلوب، وأحدث الفارق سريعًا، وقدم أعلى المستويات عندما انضم في الشتاء، بعد صلاح بنصف موسم.
المقارنة بين صلاح وفان دايك، أقرب ما تكون للمستحيلة، فمقارنة لاعب خط هجوم، مع آخر مدافع، صعبة جدًا، لكن قياس تفضيل أحدهما عن الآخر في تأثيره على الفريق، ممكن إلى حد ما، وهو ما سنحاول أن نكتشفه من خلال السطور التالية:
محمد صلاح وقع لنادي ليفربول صيف عام 2017، الفريق كان في مرحلة البناء، وقد يكون قدوم النجم المصري حاسمًا خلال هذه الفترة من عمل المدرب يورغن كلوب، بعد مرور أكثر من عامين على تقلده المنصب، دون تحقيق لقب أو الاقتراب من ذلك، عدا خسارة نهائي الدوري الأوروبي في موسمه الأول.
ما قدمه النجم المصري في موسمه الأول داخل جدران “أنفيلد” يشبه الاعجاز، حيث وصل لأرقام تهديفية غير مسبوقة في الدوري الإنجليزي، ووضح تأثيره الكامل على خط الهجوم عدا عن تسجيل الأهداف، وشكل الضلع الأهم في ثلاثي خط المقدمة الناري، إلى جانب ساديو ماني وروبيرتو فيرمينو، وكان هذا الموسم 2018/2017، موسم صلاح بامتياز، لكن تحقيق الألقاب كان أمر آخر.
حقق ليفربول في ذات الموسم، المركز الرابع في الدوري الإنجليزي، بعد أداء متذبذب، كان لضعف الدفاع الدور الأكبر في ذلك، وهنا بدأت أسطورة النجم الهولندي فان دايك.
وقع فان دايك لصالح ليفربول بداية عام 2018، ووضح للمتابع تحسن أداء الفريق الدفاعي في النصف الثاني من الموسم، لكن ليس كما ظهر عليه الفريق في موسم 2019/2018، والذي سنطلق عليه (موسم فان دايك).
قدم النجم الهولندي في موسمه الثاني (الكامل) رفقة الريدز، أعلى مستوياته منذ انطلاق مسيرته في ملاعب كرة القدم، ووضع اسمه بين أبرز من مروا على مركز قلب الدفاع في الدوري الإنجليزي، وأصبح يذكر اسمه إلى جانب أساطير الدفاع في العالم، وهنا بدأت المقارنات بين النجمين، الهولندي والمصري، ومدى تأثير كل منها على مستوى الفريق.
نافس الفريق في الموسم المذكور، بضراوة على لقب الدوري الإنجليزي، بعد أن تربع على قمة جدول الترتيب لأسابيع طويلة، لكنه خسره في النهاية لصالح مانشستر سيتي بفارق نقطتين، وفاز نجم الدفاع الهولندي بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، وكان الفريق بالتوازي يتقدم نحو تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، ونجح في الوصول للمباراة النهائية للعام الثاني على التوالي، وحقق اللقب بفوزه في النهائي على توتنهام.
مع تقسيم الموسمين المتتاليين بين صلاح وفان دايك، يتضح أن النجمين قدما أشياء رائعة للفريق، ووصلا لقمة كرة القدم كل في مركزه، ويظهر الفارق بتحقيق لقب دوري الأبطال في موسم تألق فان دايك، والذي دعمه في ذلك تألق الحارس الجديد للريدز حينها، البرازيلي أليسون بيكر، والذي حصد كافة جوائز حراسة المرمى في العالم.
لا يمكن وصف ما قام به صلاح مع ليفربول حتى الآن سوى بالرائع، لكن تحقيق الألقاب والمنافسة على البطولات ما كانت لتحدث لولا وجود فان دايك، صمام أمان الفريق، والقائد الفعلي داخل الملعب، وهو الأمر الذي لن ينكره صلاح بحد ذاته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف لفريق في لعبة جماعية مثل كرة القدم، أن يحقق أهدافه دون تظافر جهود جميع اللاعبين في كافة خطوط الملعب؟، الأمر الذي يقتضي وجود صخرة دفاع بمستوى فان دايك، وماكينة هجومية لا تمل من تسجيل الأهداف وبعثرة دفاعات الخصم مثل محمد صلاح!.