أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى شلل شبه كامل لمسابقات أندية كرة القدم في أوروبا بدءا من هذا الأسبوع، ما يدفع بالبعض للتساؤل عن حجم الخسائر المالية لهذه الرياضة.
وبحلول مساء الجمعة 3/13، كانت البطولات الخمس الكبرى (إنجلترا، ألمانيا، فرنسا، إسبانيا وإيطاليا) قد أعلنت وقف المباريات التي عادة ما تملأ جدول عطلة نهاية الأسبوع، وذلك لفترات متفاوتة، مثلها مثل بطولات أخرى كالبرتغال وهولندا.
كما أرجأ الاتحاد القاري (ويفا) مباريات الأسبوع التالي ضمن مسابقتي دوري الأبطال و”يوروبا ليغ”، ويعقد اجتماعًا، يوم الثلاثاء، لبحث مصيرهما، ومصير بطولته الأهم للمنتخبات، كأس أوروبا، التي من المقرر ان تقام بين يونيو /حزيران وتموز/يوليو في 12 مدينة.
وتمثلت الخطوة الأولى في البطولات الوطنية بإقامة مباريات من دون جمهور، ولكن تصنيف وباء الكورونا كوباء عالمي والقيود الكبيرة التي فرضتها دول عدة على حركة السفر، اضطرت الهيئات الكروية إلى فرض تعليق شامل حتى مطلع نيسان/أبريل على الأقل.
والواقع الاقتصادي والمالي بدأ يفرض نفسه على أندية القارة العجوز التي تنفق كميات هائلة من الأموال على فرق كرة القدم، وتعتمد بشكل كبير على مداخيل المباريات والمشجعين وحقوق البث التلفزيوني.
وقال كارل هاينتس-رومينيغه، الرئيس التنفيذي لنادي بايرن ميونيخ بطل ألمانيا في المواسم السبعة الماضية: “في نهاية المطاف، الأمر يتعلق بسبل تمويل كرة القدم المحترفة”، وذلك ردًا على سؤال عما إذا كان من الأفضل وقف مزاولة اللعبة في ألمانيا لما تبقى من الموسم الحالي.
وأضاف أن العديد من الأندية الصغيرة والمتوسطة ستعاني من مشاكل في السيولة، إذا لم تحصل على الدفعات من الناقلين التلفزيونيين.
وبحسب دراسة لإذاعة “كوبي” الإسبانية، ستخسر أندية الـ”ليغا” التي أعلنت هذا الأسبوع التوقف لمرحلتين على الأقل، ما مجموعه 600 مليون يورو (665 مليون دولار أميركي) بحال عدم إقامة مباريات أخرى هذا الموسم.
وسيؤثر ذلك بشكل كبير على الأندية، لا سيما الصغيرة والمتوسطة التي لا تتوافر لها قدرات مالية كبيرة أو عقود رعاية ضخمة، وُيخشى أن يمتد التأثير الاقتصادي لذلك أبعد من كرة القدم، إذ تساهم الرياضة بـ 1,4٪ من مجمل الناتج المحلي في إسبانيا، بحسب أرقام نشرتها رابطة الدوري.
أما في إنجلترا، حيث تعد عقود البث التلفزيوني من الأغلى في العالم، فيتوقع أن تتمكن أندية الدوري الممتاز من تحمّل الخسائر التي قد يسببها إيقاف المباريات لفترة وجيزة، إلا أن التأثير الأكبر سيطال أندية الدرجات الثلاث الأدنى، والتي أرجئت منافساتها أيضًا مثل مباريات دوري السيدات.
وقال بيتر كوتس، رئيس نادي ستوك سيتي من الدرجة الإنجليزية الأولى (الثانية عمليًا)، لهيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن الأمر يختلف بالنسبة للأندية خارج الدوري الممتاز، “إذ تعتمد بشكل أساسي على إيرادات حضور المباريات والنشاطات التجارية، في حين ان جزءا بسيطًا من عائداتها مصدره وسائل الإعلام”، في إشارة إلى مالكي حقوق البث.
وتابع: “هذا (التوقف) سيتسبب بمضاعفات مالية خطرة”، قد تصل إلى حدود خطر الإفلاس بالنسبة إلى بعض الأندية.
وإلى الشمال من إنجلترا، يبدو الوضع أسوأ بالنسبة إلى أندية إسكتلندا، حيث تغيب عقود النقل التلفزيوني الكبيرة بشكل شبه كامل، وتواجه الأندية احتمال المعاناة من شح مالي قاسٍ بحال توقفت المباريات طويلًا.
وستكون فترة التوقف المقبلة بمثابة اختبار لمختلف أطراف اللعبة، الذين وجدوا أنفسهم أمام سيناريو لم يكن يخطر ببال أحد، وبعد تخبط في الأيام الأولى لجهة إرجاء مباريات والإبقاء على غيرها، أو منع المشجعين من الحضور، رسا الخيار على إرجاء المراحل مؤقتًا بدلًا من إقامتها أمام مدرجات خالية، ما يفقد اللعبة الكثير من رونقها وحماسها للاعبين والمشاهدين على السواء.
وما قد يطمئن الأندية على الأقل هو أن عقود البث التلفزيوني وعائداتها ستجد طريقها إلى خزائنها عاجلًا أم آجلًا، وستعوض بشكل ما غياب إيرادات المباريات والملاعب طوال فترة التوقف.
وفي الوقت الراهن، تجد القنوات التلفزيونية التي التزمت دفع مبالغ طائلة، نفسها من دون مباريات جارية لبثها مباشرة على الهواء، وإيصالها إلى مشتركين سبق لهم ان دفعوا اشتراكات أيضًا للحصول على هذه الخدمة.
وعلى امتداد القارة العجوز وأبعد منها، سيكون على هذه القنوات التأقلم بحسب ما يقتضيه الوضع في الأيام والأسابيع المقبلة.
(مونت كارلو الدولية – أ ف ب)