بعد عشرين عامًا من إنجاز الفوز بكأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000 يقف المنتخب الفرنسي لكرة القدم مجددًا أمام تحدي جمع اللقبين بقيادة مدربه ديدييه ديشان عندما يخوض البطولة القارية بعد عامين على تتويجه في مونديال روسيا 2018.
يجمع ديشان بين الماضي والحاضر والمستقبل: حامل شارة القيادة في ثنائية المونديال وكأس أوروبا قبل نحو عقدين من الزمن، والممسك بدفة الإدارة الفنية بين اللقب المحقق في ملعب لوجنيكي في موسكو صيف 2018، والمرتجى في صيف 2020 في نهائي كأس أوروبا في ويمبلي.
قاسم مشترك آخر بين البطولة الأوروبية التي تحتفي في العام المقبل بالذكرى الستين لانطلاقها، والمقامة مبارياتها بين 12 مدينة، وبين مونديال 1998 في فرنسا؟ موعد المباراة النهائية: 12 تموز/يوليو.
وسيكون على ديشان (51 عامًا) الذي يتولى منذ العام 2012 تدريب المنتخب الفرنسي في إحدى أفضل المراحل في تاريخه الحديث، تحقيق التناغم والاندماج بين اللاعبين من ذوي الخبرة والشبان، اذا ما أراد ابتكار الوصفة الناجحة لرفع اللقب القاري للمرة الثالثة في تاريخ “الزرق”.
وعلى غرار ما حصل مع ديشان ورفاقه زين الدين زيدان ومارسيل دوسايي وروبير بيريس، ستتجه الأنظار نحو أنطوان غريزمان وكيليان مبابي وبول بوغبا، أملًا في أن يبرزوا في نهائي كأس أوروبا، كما فعلوا في المونديال.
وقال بيريس لوكالة “فرانس برس” إن ديشان سبق له تحقيق الألقاب “واللاعبون يحترمون بشكل كبير هذه المسيرة، إذا أردت أن تتوج بطلًا لأوروبا، فهذا أمر متطلّب، ويعود لديدييه تأمين ذلك” في المنتخب.
حافظ ديشان على جاهزية تشكيلته منذ التتويج العالمي، فخلال عام ونصف عام تقريبًا، تلقى المنتخب خسارتين فقط، بثنائية نظيفة أمام هولندا في دوري الأمم الأوروبية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وبنتيجة مماثلة أمام تركيا في تصفيات كأس أوروبا في حزيران/يونيو 2019.
وعلى رغم بعض الهفوات، ما تزال شهية المدرب مفتوحة على الانتصارات والألقاب، بحسب مساعده غي ستيفان الذي قال لـ”فرانس برس”: “في وقت ما يحصل تآكل، وهو أمر بشري، لكنني لا أشعر بذلك في الوقت الحالي”.
سبق لستيفان أن شغل المنصب نفسه في منتخب “الديوك” تحت إشراف المدرب روجيه لومير في كأس أوروبا 2000 التي انتهت بتتويج فرنسا على حساب إيطاليا بالهدف الذهبي، ومونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حيث حقق المنتخب نتيجة كارثية بخروجه من الدور الأول.
لخص ستيفان الماضي، بالقول: “المجموعة التي فازت في 1998 و2000، كانت بالفعل أكثر من استثنائية، لكن عام 2002، كانت أقل نهمًا (للقب)، عندما تتراجع الرغبة على المستوى العالي، تصبح الخسارة ملازمة”.
وسيكون “الديوك” على موعد مع تحدٍ قاري صعب، حيث أوقعتهم قرعة الأدوار النهائية لكأس أوروبا في “مجموعة الموت” السادسة إلى جانب ألمانيا والبرتغال حاملة اللقب، ومنتخب رابع يتم تحديده من الملحق.
وقال ديشان عن القرعة: “إنها المجموعة الأصعب لكن يجب ان نتقبل ذلك، يجب ان يكون منتخب فرنسا جاهزًا على الفور، هذه مجموعة معقدة على الورق بغض النظر عن الخصوم والنتائج التي حققوها في الآونة الأخيرة”.
وأضاف: “كالعادة، عليك دائمًا أن تحتل المركز الأول”.
مدد الاتحاد الفرنسي في مطلع الشهر الحالي عقد ديشان حتى مونديال قطر 2022، في خطوة هدفها توفير استقرار للمنتخب في تحدياته المقبلة.
وعلق بيريس، بالقول: “لدينا فريق جيد في مختلف الخطوط، ولا أرى الكثير من الإخفاقات، ينتقد الناس الطريقة التي نلعب بها، ولكن عندما تكون في الملعب، وعندما تكون رياضيًا، فإن الهدف هو دائمًا الفوز”.
رأى اللاعب السابق لمرسيليا وأرسنال الإنجليزي، أن التحدي الذي يواجه المدرب يكمن في دمج الوجوه الجديدة دون التأثير على التوازن العام.
وقال: “دوره (ديشان) هو إيجاد الصيغة المناسبة بين لاعبي الخبرة والشباب، وحتى الوجوه الجديدة التي قد تنضم الى التشكيلة.. هل ستكون هناك مفاجآت (على صعيد الأسماء)؟ وحده +ديدي+ يستطيع الإجابة على هذا السؤال، لكن على العموم، لديه فريقه بالفعل” من الآن.
ومنذ آب/أغسطس 2018، استدعى ديشان 44 لاعبًا، من بينهم قرابة عشرة لاعبين جدد، مثل المدافعين ليو دوبوا (ليون) وفرلان مندي (ريـال مدريد الإسباني)، ولاعب الوسط المهاجم جوناثان إيكونيه (ليل)، وكليمان لانغليه (برشلونة الإسباني)، الذي أصبح أساسيًا في قلب الدفاع على حساب مواطنه وزميله في النادي الكاتالوني صامويل أومتيتي.
وحتى أيار/مايو، موعد إعلان التشكيلة الرسمية لكأس أوروبا، ستتوافر لديشان فترة واحدة لاختبار لاعبيه في آذار/مارس، ويتوقع أن يتنافس لاعبون مثل ألكسندر لاكازيت (أرسنال الإنجليزي) وأنطوني مارسيال (مانشستر يونايتد الإنجليزي) وماركوس تورام (بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني) نجل اللاعب السابق ليليان تورام، على حجز مكان لهم.
منافسة أخرى ستكون مع “المخضرمين” الذين شاركوا في مونديال روسيا.
ورأى ستيفان أن اللاعبين “الذين تجاوزوا الثلاثين من العمر، مثل (قائد المنتخب حارس المرمى هوغو) لوريس، و(بليز) ماتويدي، أو (أوليفييه) جيرو، لا يرغبون في الابتعاد، ولا أحد يتوقع منهم ذلك.. هذا ما يجعلني أعتقد أنه ما يزال لدينا مجموعة مع موارد كثيرة” إضافية.
بالنسبة إلى بيريس، خلطة النجاح تتطلب عنصرًا آخر لن يكون في مقدور ديشان أو أي من عناصر المنتخب التأثير عليه، ألا وهو “الحظ”.
وأوضح “يجب أن تكون محظوظًا، وهذا ما توافر لنا عام 1998 وأيضًا عام 2000.. إذا كان (الحظ) في صفك، فعادة ما ترفع الكأس”.
(أ ف ب)