بعد الخروج المبكر من بطولتي كأس آسيا وكأس أمم غرب آسيا في غضون أشهر قليلة أدرك المسؤولون بالاتحاد السعودي لكرة القدم ضرورة التعاقد مع مدرب كبير يمكنه إعادة الاتزان للفريق وتصحيح الأوضاع في قيادة هذا الجيل المفعم باللاعبين الموهوبين.
ووجد المنتخب السعودي (الأخضر) ضالته في المدرب الفرنسي هيرفي رينار صاحب البصمات الرائعة في عالم الساحرة المستديرة الذي تولى تدريب الفريق في أواخر تموز/يوليو الماضي، ليبدأ رحلة إعادة بناء الفريق على أسس وقواعد مختلفة عما كان عليه الفريق في السنوات الماضية.
وبعد مرور ستة أشهر فقط على العروض الجيدة نسبيًا للمنتخب السعودي في بطولة كأس العالم 2018 بروسيا، خاض الأخضر تحديًا مثيرًا في بطولة كأس آسيا 2019 بالإمارات خلال كانون الثاني/يناير الماضي.
وكما هو دائمًا قبل كل مشاركة للأخضر في البطولة القارية، كان الفريق أحد المرشحين للمنافسة على اللقب الآسيوي ولكن هذا لم يحدث ولم تأت الرياح بما تشتهي سفينة الأخضر.
وخاض الفريق البطولة بقيادة المدرب الإسباني خوان أنطونيو بيتزي الذي سبق له قيادة الفريق في المونديال الروسي وإن لم يكن هو من قاد الفريق في التصفيات المشتركة المؤهلة لأي من البطولتين.
وخلال مسيرته بكأس آسيا، فاز الأخضر على منتخبي كوريا الشمالية ولبنان ثم خسر أمام نظيره القطري في ختام مسيرته بالدور الأول قبل أن يودع البطولة من الدور الثاني (دور الستة عشر) على يد المنتخب الياباني.
وكان الخروج المبكر من البطولة كفيلًا بالإطاحة بالمدرب الإسباني الذي لم يحقق شيئا يذكر مع الفريق.
وتولى المدرب الوطني يوسف عنبر المسؤولية بشكل مؤقت بداية من آذار/مارس الماضي نظرًا لحرص الاتحاد السعودي على عدم التعجل في اختيار المدرب الأجنبي للفريق لاسيما وأن جميع التجارب أثبتت أن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الفريق تكمن في عدم وجود المدرب القادر على صهر المهارات الفردية والإمكانيات العالية للاعبي الفريق في بوتقة الأداء الجماعي.
ولذا، لم يكن غريبًا أن يسقط الفريق مبكرا أيضا في بطولة كأس أمم غرب آسيا بعد هزيمتيه في مباراتي الكويت والأردن وتعادله مع البحرين سلبيا علما بـأن الفريق لم يشارك في البطولة بنجوم الصف الأول.
ووجد الأخضر ضالته المنشودة سريعًا من خلال المدرب الفرنسي هيرفي رينار الذي ترك بصمة رائعة على الساحة الأفريقية خلال السنوات الماضية لكن الحظ عانده مع المنتخب المغربي ليخرج الفريق بركلات الترجيح أمام منتخب بنين في الدور الثاني (دور الستة عشر) لبطولة كأس الأمم الأفريقية التي استضافتها مصر منتصف العام الحالي.
وكان رينار فاز مع المنتخبين الزامبي والإيفواري بلقب كأس الأمم الأفريقية ليصبح أول مدرب في التاريخ يفوز بلقب هذه البطولة مع منتخبين مختلفين.
كما تولى رينار سابقًا تدريب المنتخب الأنجولي لكنه لم يحقق معه نجاحًا يذكر، بينما قاد رينار المنتخب المغربي (أسود أطلس) إلى العودة للظهور في بطولات كأس العالم من خلال مونديال 2018، وذلك بعد غياب عن البطولة على مدار 20 عامًا.
وكان المنتخب المغربي بقيادة رينار مرشحًا فوق العادة للفوز بلقب البطولة الأفريقية ولكن الفريق عانى من الحظ العاثر في مواجهة بنين.
ولذلك رحل رينار عن تدريب الفريق في يوليو الماضي قبل أن يتولى تدريب الأخضر في نهاية الشهر نفسه.
ولم يتردد ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي للعبة في الكشف عن الأسباب وراء تعيين رينار بنفسه وليس أي مدرب آخر.
وقال المسحل إن الأسباب التي أدت برينار إلى هذا المنصب عديدة ومن أهمها خبرته الطاغية وسيرته الذاتية الحافلة بالإنجازات.
وأوضح أن ما رجح التعاقد مع رينار أيضا هو معرفته بطبيعة اللاعب العربي بشكل عام كما يدرك طبيعة كرة القدم السعودية حيث كان متابعًا جيدًًا للكرة ولاعبي كرة القدم في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وبمجرد تولي رينار مسؤولية الفريق، بدأ المدرب الفرنسي العمل على تصحيح بعض المفاهيم في أداء الفريق حيث كانت عروض الفريق في الماضي تصطبغ بالناحية الهجومية على حساب الجانب الدفاعي وهو ما قد يكلف الفريق كثيرًا في مواجهة منتخبات لديها القدرة على المنافسة والهجوم.
وبعد عروض ونتائج متذبذبة المستوى في بداية رحلة الفريق بالتصفيات المشتركة المؤهلة لبطولتي كأس العالم 2022 بقطر وكأس آسيا 2023 بالصين، ظهرت بصمة رينار على أداء الفريق في بطولة كأس الخليج العربي (خليجي 24).
وأخيرًا، جاء أداء الفريق خلال مبارياته بالبطولة التي أنهى مسيرته فيها بالهزيمة أمام نظيره البحريني في المباراة النهائية للبطولة.
وكشفت مباريات الفريق في البطولة الخليجية عن اعتماد الأخضر على المدرسة الفرنسية التي تتسم بواقعية الأداء وذلك في طريقه للفوز بالمركز الثاني بعد الهزيمة أمام المنتخب البحريني.
وأكدت مباريات هذه البطولة وغيرها من مشاركاته أن المنتخب السعودي وجد ضالته بالفعل حيث أصبح التعاقد بين الأخضر ورينار بمثابة الاندماج المثالي.
(د ب أ)