“القصص السرّية لأبطال إفريقيا”.. صدور كتاب يرصد لحظات إنسانية لـ”محاربي الصحراء”

الكاتب الجزائري نجم الدين سيدي عثمان ألف كتابا بعنوان “(var): القصص السرّية لأبطال إفريقيا أدب كرة القدم” يتناول فيه بعض القصص الإنسانية من حياة لاعبي منتخب بلاده لكرة القدم.

وسيكون الكتاب، الذي بعنوان “(var): القصص السرّية لأبطال إفريقيا أدب كرة القدم”، متوفرًا في معرض الجزائر الدولي للكتاب المرتقب تنظيمه في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

والعمل وفق صاحب الكتاب، يحتفي بلاعبي المنتخب الجزائري لكرة القدم من خلال قصص إنسانية خارج الملعب تسلط الضوء على لحظات من حياتهم قبل بلوغ المجد والاحتراف ثم التحاقهم بالمنتخب الوطني.

وفي 19 تموز/يوليو الماضي، توج المنتخب الجزائري (محاربو الصحراء كما يلقب لاعبيه) للمرة الثانية في تاريخه بلقب النسخة الـ32 لكأس إفريقيا للأمم التي جرت وقائعها بمصر في الفترة من 21 حزيران/يونيو إلى 19 تموز/يوليو الماضيين.

وفازت الجزائر في المباراة النهائية على حساب السينغال بهدف لصفر وقعه المهاجم بغداد بونجاح.

ويسرد “سيدي عثمان” في كتابه 65 قصة ترصد لحظات إنسانية حزينة وسعيدة وأخرى خفية عن الجمهور عاشها لاعبو المنتخب الجزائري تبدأ من مرحلة الطفولة ونشأتهم إلى غاية تألقهم في عالم الساحرة المستديرة.

وصدر الكتاب في وقت سابق من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بالجزائر عن منشورات نوميديا (خاصة) ويقع في 192 صفحة من الحجم المتوسط.

ويكتشف القراء في الكتاب قصة حارس مرمى المنتخب الجزائري رايس وهاب مبولحي، الذي عاش حياته دون أن يعرف أن والدته مصابة بسرطان المعدة، وقصدت إخفاء الأمر عنه، حيث كانت تريده أن يركز على طريقه ومستقبله، لهذا كان آخر من علم بوفاتها”، وفق مؤلف الكتاب.

وقال “سيدي عثمان” لمراسل الأناضول: “هي لحظة فارقة في حياته، رحلت والدته دون أن يودعها، وقد لعب مباراة الغابون الودية عام 2011 بُعيد وفاتها، وعند عودته من الجزائر أغلق بيته في باريس وقرر الرحيل إلى مكان آخر”.

وتابع قوله: “اختار السكن في لندن، وعزاؤه أنه حقق أمنيتها قبل رحيلها باللعب 3 أشهر مع المنتخب الوطني”.

وفي كتابه يروي “سيدي عثمان” حكاية لاعب خط الوسط سفيان فيغولي، الذي نشأ في حي “ايميل كوردون” في بلدة “سانت أوين”، بضاوحي العاصمة الفرنسية باريس، حيث سيطر على الحي باعة القنب الهندي وقد حولوه إلى معقل لتجارتهم الممنوعة، ما حول حياة السكان إلى جحيم.

وأشار إلى أن فيغولي قرر في عام 2009 إخراج عائلته من الحي بعد أن وقع حادثة إطلاق نار في موقع قريب من منزلهم، وبعد مغادرتهم بوقت قصير وقع قتلى في اشتباك بين رجال العصابات والشرطة.

وأضاف: “في هذه الظروف نشأ فغولي، وسط أصدقاء من أصول مغاربية وإفريقية، يشعرون كما لو كانوا أبناءا غير شرعيين لفرنسا، يدفعون الضرائب لكن فرنسا لا تدفع لهم قليلًا من الاهتمام، إنهم مشبوهون، مثيرون للريبة، فقط لأن أولياءهم لم يكن بوسعهم أن يعيشوا في مكان آخر”.

وكشف أنّ فغولي لم يفارقه هذا الشعور وقال قبل ثلاثة أعوام في تصريحات صحفية، “إننا منبوذون” ليثير بذلك مسألة إقصاء أبناء الضواحي الباريسية.

كما يسرد المؤلف في كتابه حكاية اللاعب بغداد بونجاح، قائلًا: “عمل بونجاح نادلًا في مطعم، وقرر التوقف عن ممارسة كرة القدم، لكن صاحب المطعم تدخل وأمره بالذهاب إلى التدريب”.

وقال “كانت هذه لحظة فارقة صنعت بونجاح الذي رفضه فريقا مولودية وهران، وشبيبة الساورة (محليين) واستقدمه فريق اتحاد الحراش (محلي) في الدرجة الأولى قادمًا إليه من الدرجة السادسة نظير أجر شهري لا يزيد عن ألف دولار”.

ووفق الكاتب، فإن بونجاح كاد ينهي مساره الكروي عندما بصق على أحد الحكام ودفعه في الملعب، إلا أن أحد الوسطاء (لم يذكره) تدخل وخفف عقوبته.

وأشار أنه بعد عودة اللاعب من فترة العقوبة شاهده مدرب منتخب الجزائر السابق البوسني وحيد حليلوزيتش، وأعجب بلعبه قبل أن يلحقه بالمنتخب الأول.

ولا يقتصر الأمر على هذه القصص والمواقف فالعمل يرصد لحظات غائبة، وغير معروفة تجعل من لاعبي المنتخب الجزائري موضوعا لقصص تستحق أن تقرأ، كما يقول “سيدي عثمان”.

وأضاف: “ما نعرفه عن اللاعبين هو ما يقدمونه في مباريات كرة القدم وبعض التفاصيل الصغيرة، لكنهم في النهاية ليسوا آلات، إنهم بشر مثلنا، لهم أحاسيس ومشاعر، وجربوا مرارة الإخفاق، وبعضهم تجرع الفقر المدقع، والفشل قبل أن ينتهي بهم المطاف يمثلون منتخبًا وطنيًا هو بطل إفريقيا”.

وبخصوص عنوان الكتاب الذي تضمن مصطلح (var)، قال “سيدي عثمان”: “أسقطت تقنية التحكم بالفيديو على كتابي فهي تسترجع مقاطع من المباريات، والكتاب يعود لسرد لحظات غائبة وماضية من حياة اللاعبين”.

وأشار الكاتب إلى أنه أقدم على تأليف كتابه بتشجيع من أصدقائه على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، بعدما نشر بعض القصص عن اللاعبين كمواكبة لإنجاز المنتخب الجزائري عندما فاز بكأس أمم إفريقيا في تموز/يوليو الماضي، ولاقت هذه القصص إقبالًا على قراءتها من الجمهور.

وحول ما إذا كان يعتبر أنّ كتابه جنسًا أدبيًا يندرج ضمن أدب كرة القدم، أجاب “سيدي عثمان”: “هناك مؤلفات عديدة تتناول الرياضة في الجزائر، لكن في تصوري أن هذا أول كتاب بمفهوم أدب كرة القدم”.

وأضاف: “الكتاب نوع أدبي ينصرف عن الكتابة التقريرية ولا يهتم كثيرًا بالأحداث الرياضية ونتائج المباريات بل ينطلق من القصة القصيرة ليرصد قضايا تهم محبي كرة القدم الذين لا يقرءون الأدب، والشّغوفين بالأدب الذين لا يحبون الكرة”.

واعتبر أنّ من يحب الأدب وكرة القدم معا فهو صاحب الفوز الأكبر بكتابه، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الأدب شائع في أمريكا خصوصًا الأرجنتين.

ونجم الدين سيد عثمان كاتب وصحفي، من مواليد 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1984، في مدينة بريكة بمحافظة باتنة شرقَي الجزائر.

وصدر له كتاب في أدب الرحلة بعنوان “رحلات جزائري في ربوع إفريقيا” (2016)، ورواية “هجرة حارس الحظيرة” (2017).

كما ألف كتاب بعنوان “كنت في البرازيل” ( 2018)، الذّي رصد فيه مرافقته لمنتخب بلاده خلال كأس العالم في البرازيل عام 2014.

(الأناضول)