هل يمكن فصل الرياضة عن السياسة؟

أثارت تأدية لاعبي المنتخب التركي التحية العسكرية بعد تسجيل الأهداف موجة من السخط في أوروبا والعالم وهدد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بفتح تحقيق ستكون له عواقب، بسبب ما اعتبره البعض اقحامًا للسياسة في الرياضة، لكن هل فعلًا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما؟.

يعد هذا الأمر إحدى المعضلات الكبرى في عالم الرياضة، لا سيما كرة القدم، الرياضة الشعبية الأولى في العالم، ودأبت جميع الاتحادات الكروية المحلية والقارية على التأكيد بضرورة عدم تدخل السياسة والسياسيين في الرياضات الشعبية، وسن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” عديد القوانين التي تمنع تأثير تدخل حكومات البلدان في اختيارات وقرارات الاتحادات المحلية، والتي تصل عقوباتها حال ثبوتها إلى الإيقاف على المستوى الدولي كما حصل في مواقف كثيرة.

ومع التذكير بحقيقة أن الاتحاد الدولي معني بشكل رئيسي في المنافسات الدولية، والتي تقام بين المنتخبات التي تمثل دول أقيمت حدودها على أساس سياسي، يصعب حينها على أصحاب القرار البت في مسألة الشكوك حول طبيعة فعل معين قام به لاعبو المنتخب هذا أو ذاك، وهل يستلزم عقوبة، أو يعد مجرد فعل يشير إلى الانتماء لقميص المنتخب الذي يمثل الدولة التي يلعب من أجل ألوانه هؤلاء اللاعبين.

وغير خفي على أحد أن السياسة تتداخل مع كرة القدم بشكل أو بآخر، وأوضح مثال على ذلك ما يحصل بين الجماهير من مقارنات بين لاعب من بلد معين، مع نظيره من البلد الآخر، حيث يحظى كل لاعب بالدعم غير المشروط من أبناء وطنه، وهو ما يعد أمر طبيعي في شتى المجالات، وقد يكون هذا الأمر من أسباب تزايد كرة القدم شعبية، ويعد متنفسًا للجماهير عندما تشاهد منتخبها الوطني أو لاعبها المحلي وهو يؤدى على أعلى المستويات العالمية أو القارية.

وعلى المستوى العربي فالأمثلة كثيرة عن تداخل السياسة مع الرياضة، تاريخيًا منها إيقاف النشاطات الكروية في دولة الكويت بعد ثبوت تدخل الدولة في قرارات الاتحاد الكويتي لكرة القدم عام 2015، عدى عن الأزمات السياسية التي تعيشها المنطقة العربية والتي ستأثر بشكل أو بآخر على الرياضة خاصةً كرة القدم.

يبقى الاتحاد الدولي ومعه باقي الاتحادات القارية الأخرى مجبرين على وضع قيود على طريقة التعبير عن الانتماء للمنتخبات في المباريات، وضمان عدم تأثير الساسة على قرارات اتحادات الكرة، حتى تبقى صورة كرة القدم كلعبة نظيفة تحاول أن توجد جسور تواصل بين الشعوب لا أن تكون سببًا جديدًا من أسباب الخصام والتعصب الأعمى، ولتبقى كرة القدم مجرد لعبة احتفالية ترفيهية، وعدم تحميلها عبء المشاكل والأزمات السياسية التي يعج بها العالم.