“أنا مرهق، لقد شاركت طوال اليوم في تظاهرات الجمعة ولكني سأواصل الاحتفال طوال الليل”، بهذه الكلمات اختصر إيدير (30 عامًا) فرحته وهو يحتفل مع عشرات الآلاف من الجزائريين ليلة الجمعة، بفوز منتخبهم بكأس الأمم الإفريقية، مصر 2019.
وأتى الفوز على السنغال (1 – 0) في المباراة النهائية للبطولة على إستاد القاهرة الدولي، ليمنح الجزائريين لقبهم الثاني في أمم إفريقيا، والأول منذ تتويجهم على أرضهم عام 1990، كما أن اللقب المنتظر منذ أعوام طويلة، أتى في خضم الاحتجاجات المتواصلة منذ أشهر ضد نظام الحكم، وفي يوم الجمعة، الذي ينزل فيه الجزائريون إلى الشوارع للتظاهر، وذلك للأسبوع الـ22 على التوالي.
وبعدما امتلأت شوارع قلب العاصمة الجزائرية خلال النهار تحت أشعة الشمس، بالمتظاهرين الذين يجتمعون كل يوم جمعة منذ خمسة أشهر للمطالبة برحيل النظام، خلت في المساء من الناس وقت المباراة.
وانصرف المتظاهرون نحو الشاشات العملاقة في مختلف أنحاء العاصمة، وتوزعوا بين المقاهي والساحات، أو اختاروا العودة الى منازلهم لمتابعة المباراة، قبل الخروج الى الشوارع مجددًا بعد صافرة النهاية والفوز.
وعلى وقع أبواق السيارات وزغاريد النسوة والمفرقعات التي حولت سماء الجزائر الى اللون الأحمر، احتشد الجزائريون كبارًا وصغارًا، نساء ورجالًا، في الساحات الكبرى للعاصمة الجزائرية، مثل ساحة البريد المركزي التي تشكل الميدان الأساسي للاحتجاجات منذ أكثر من خمسة أشهر.
وقال إيدير: “كان عمري سنة واحدة عندما فزنا بالكأس الافريقية الأولى، وأنا الآن احتفل بعيد ميلادي الثلاثين وسط فرحة عارمة” باللقب الثاني.
من جهته، أمضى رابح (65 عامًا) الأمسية أمام شاشة تبث المباراة، لكنه يؤكد أنه لم يكن يجرؤ على متابعتها، وقال وهو يحاول التقاط أنفاسه “كنت خائفًا أن يتوقف قلبي، لكن غمرتني السعادة بمجرد نهاية المباراة”.
أضاف “أنا لم أحتفل بالمنتخب الوطني منذ عام 1982، عندما هزمنا ألمانيا في 1982” في دور المجموعات في كأس العالم بإسبانيا، والتي ما تزال إحدى أكثر المباريات التي يفخر بها الجزائريون في تاريخ منتخبهم.
وفرض الاحتفالات زحمة سير خانقة في الشوارع التي امتلأت بالسيارات التي ترفع العلم الجزائري، بينما توقفت الدراجات النارية عن التحرك لكثرة الجموع المحتفلة باللقب، وارتدى غالبية المحتفلين قميص المنتخب ورددوا الشعار الأشهر “وان تو ثري فيفا لالجيري (1، 2، 3، تعيش الجزائر)”، وسط دموع الفرح التي غالبت كثيرين.
إلى ذلك، قامت حشود من مختلف الأعمار بالتعبير بالرقص عن فرحة اللقب الثاني، بينما وقف عناصر الشرطة يراقبون من بعيد.
وكادت فرحة الجزائريين أن تنقلب كابوسًا في الشوط الثاني مع احتساب الحكم ركلة جزاء لصالح السنغال على خلفية وجود لمسة يد، قبل أن يعود عن قراره اثر مراجعة تقنية المساعدة بالفيديو (“في ايه آر”).
وقال صلاح (19 عامًا) إن قلبه “كاد أن يتوقف عندما أعلن الحكم ضربة جزاء لصالح السنغال.. وبإلغائها قلت لنفسي أننا سنفوز بهذه الكأس. لم نلعب بشكل جيد، لكن هذا ليس مهمًا، المهم هو أن الكأس من نصيبنا”.
أما باديس (27 عامًا) فلم يتوقف عن الصراخ وتقبيل قميص المنتخب الذي يرتديه، قائلًا: “بفضل الله، عشت حتى اليوم لأرى الجزائر تفوز بشيء ما، وسنضع النجمة الثانية على هذا القميص”.
وكان مدرب المنتخب جمال بلماضي قد قال في المؤتمر الصحافي بعد المباراة: “أشعر بأنني سعيد جدًا، لكل بلادنا، لشعبنا الذي كان ينتظر النجمة الثانية منذ وقت طويل جدًا.. أول بطولة أمم إفريقيا نفوز بها خارج أرضنا”.
(أ ف ب)