عندما يلتقي المنتخبان الجزائري والسنغالي لكرة القدم، اليوم الجمعة، في المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأفريقية (كان 2019) المقامة حاليًا في مصر، ستكون آمال الملايين من عشاق الساحرة المستديرة في أنحاء الوطن العربي معلقة على كاهل المنتخب الجزائري (الخضر)، لإحراز لقب جديد يضاف إلى أمجاد الكرة العربية في البطولة الأفريقية.
وعلى مدار 31 نسخة سابقة، كان رصيد الكرة العربية نحو ثلث هذه الألقاب حيث توجت ب11 لقبًا بواقع سبعة ألقاب للمنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) ولقب واحد لكل من تونس والجزائر والمغرب والسودان.
وكانت الألقاب السبعة للفراعنة سببًا أيضًا في أن يتصدر الشمال الأفريقي قائمة أكثر مناطق القارة السوداء إحرازًا للقب، حيث يبلغ رصيد الشمال الإفريقي عشرة ألقاب عن طريق مصر وتونس والجزائر والمغرب، بينما كان نصيب غرب أفريقيا تسعة ألقاب حصدتها منتخبات غانا ونيجيريا وساحل العاج، مقابل ثمانية ألقاب لمنتخبات وسط أفريقيا وحصدتها الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو، ولقبين لشرق أفريقيا من نصيب منتخبي إثيوبيا والسودان، ومثلهما لمنطقة جنوب أفريقيا من نصيب منتخبي جنوب أفريقيا وزامبيا.
والسطور التالية تروي قصة 11 لقبًا للمنتخبات العربية في البطولة الأفريقية:
النسخة الأولى عام 1957 بالسودان:
كانت البطولة الأفريقية أحد أهم أسباب تأسيس الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) حيث اجتمع عدد من كبار الشخصيات البارزة في عالم كرة القدم الأفريقية في العاصمة البرتغالية لشبونة يومي السابع والثامن من حزيران/يونيو 1956، لتأسيس الاتحاد وتنظيم المسابقة بدايةً من 1957.
وجرى الاتفاق على أن تكون السودان التي حصلت على استقلالها في كانون الثاني/يناير 1956، مقرًا لاستضافة البطولة الأولى.
وبني إستاد جديد بالخرطوم خصيصًا لهذا السبب، وافتتح في 30 أيلول/سبتمبر 1956.
وفي العاشر من شباط/فبراير 1957، كانت ضربة البداية حيث افتتح رئيس وزراء السودان السابق سيد إسماعيل الأزهري أول بطولة أفريقية للمنتخبات في حضور أكثر من 30 ألف متفرج بالإستاد.
وأدار المباراة الافتتاحية في البطولة، التي شاركت فيها منتخبات مصر وإثيويبا والسودان، الحكم الإثيوبي جيبيهو دوبي، وفازت فيها مصر على السودان (2 - 1)، وسجل هدفي المنتخب المصري رأفت عطية ومحمد دياب العطار (الديبة)، في حين سجل صديق منزول هدف السودان الوحيد.
وأقيمت المباراة النهائية في الخامس عشر من الشهر نفسه وأدارها الحكم السوداني يوسف محمد، وفازت فيها مصر على إثيوبيا بأربعة أهداف سجلها الديبة، وسلم المصري عبدالعزيز عبدالله سالم الكأس التي حملت اسمه إلى قائد المنتخب المصري رأفت عطية ليتوج المنتخب المصري بلقب النسخة الأولى.
النسخة الثانية عام 1959 بمصر:
كان تنظيم النسخة الثانية من نصيب مصر مقر الاتحاد الأفريقي وجرت فعالياتها من 22 إلى 29 أيار/مايو بإستاد النادي الأهلي في القاهرة بمشاركة نفس المنتخبات الثلاثة.
وافتتح المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ساحق على إثيوبيا بأربعة أهداف، سجل منها الراحل محمود الجوهري ثلاثة أهداف (هاتريك)، ثم ميمي الشربيني الهدف الرابع، في حين فازت مصر في النهائي على السودان بهدفين سجلهما عصام بهيج مقابل هدف لصديق منزول أيضًا، ليتوج المنتخب المصري باللقب الثاني له.
النسخة السابعة عام 1970 بالسودان:
في عام 1970، استضافت السودان النسخة السابعة ووصلت غانا للمباراة النهائية للمرة الرابعة على التوالي، ولكنها خسرت أمام السودان التي أحرزت الكأس الوحيدة في تاريخها.
ونال الإيفواري بوكو للمرة الثانية على التوالي لقب هداف البطولة برصيد ثمانية أهداف كما فاز بلقب أفضل لاعب في البطولة، على الرغم من عدم قدرته على قيادة الفريق للنهائي.
النسخة العاشرة عام 1976 بإثيوبيا:
في عام 1976، أقيمت النسخة العاشرة في إثيوبيا، وكانت المرة الوحيدة التي يقام فيها النهائي بنظام الدورة المجمعة بمشاركة أربعة منتخبات، حيث أحرز منتخب المغرب لقبه الأفريقي الوحيد باحتلاله المركز الأول، بعدما حصد سبع نقاط، متفوقًا بفارق نقطتين على أقرب ملاحقيه منتخب غينيا.
وفاز الغيني نيوجيليا بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف، بينما كان المغربي أحمد فراس أفضل لاعبي هذه النسخة.
النسخة الخامسة عشرة عام 1986 في مصر:
شهدت مصر إقامة البطولة للمرة الثالثة على أرضها عام 1986، وتخلص المنتخب المصري من آثار هزيمته في المباراة الافتتاحية أمام السنغال (0 - 1)، ووصل للمباراة النهائية ليتوج باللقب بعد مباراة رائعة أمام الكاميرون في النهائي، نجح خلالها في الفوز (5 - 4) بضربات الترجيح، بعد انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل السلبي، ليستعيد المنتخب المصري اللقب بعد غياب دام 27 عامًا.
ونال الكاميروني روجيه ميلا لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف، بينما كان الراحل ثابت البطل حارس مرمى المنتخب المصري هو أبرز نجوم هذه البطولة، لأنه كان أحد العوامل الرئيسية في فوز الفريق باللقب للمرة الثالثة في تاريخ الفراعنة.
النسخة السابعة عشرة عام 1990 بالجزائر:
في 1990، نظمت الجزائر البطولة واستغلت عامل الأرض للفوز باللقب الوحيد في تاريخها، بالتغلب على نيجيريا (1 – 0) في المباراة النهائية، وذلك تحت قيادة المدرب الوطني عبد الحميد كرمالي.
وفاز الجزائري جمال مناد بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف، بينما فاز الأسطورة رابح ماجر بلقب أفضل لاعب في البطولة.
ونجح المنتخب الجزائري خلال هذه النسخة في الفوز باللقب، وتعويض خروجه صفر اليدين من تصفيات كأس العالم 1990، على الرغم من امتلاكه هذا الجيل الذهبي من اللاعبين بقيادة ماجر.
النسخة الحادية والعشرون عام 1998 ببوركينافاسو:
جرت بطولة عام 1998 في بوركينافاسو، وكانت مصر على موعد مع التتويج بالكأس الرابعة لها، ولم يستطع أي من حسام حسن والجنوب أفريقي بينديكت ماكارثي إحراز أي أهداف في المباراة النهائية بين منتخبي البلدين، بعد أن وصل رصيد كل منهما إلى سبعة أهداف ليقتسما لقب الهداف.
وفازت مصر في المباراة النهائية على جنوب أفريقيا (2 – 0)، وأصبح الراحل محمود الجوهري أول من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب.
النسخة الرابعة والعشرون عام 2004 بتونس:
أقيمت البطولة الرابعة والعشرون في تونس عام 2004، ونجح نسور قرطاج في الفوز باللقب على أرضهم ليكون الأول في تاريخهم إثر تغلبهم على المغرب (2 - 1) في النهائي.
وتقاسم لقب الهداف كل من النيجيري أوجستين أوكوشا والمغربي يوسف المختاري والتونسي سيلفا دوس سانتوس والكاميروني باتريك مبوما والمالي فريدريك كانوتيه.
النسخة الخامسة والعشرون عام 2006 بمصر:
استحوذت البطولة الـ25، التي أقيمت في مصر عام 2006، على اهتمام كبير لأنها أعادت النهائيات إلى أحضان وادي النيل بعد غياب دام 20 عامًا، منذ أقيمت بطولة عام 1986 في مصر.
وعادت البطولة إلى أحضان مصر مع الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف)، وقبل عام واحد من الاحتفال باليوبيل الذهبي للبطولة.
ونجح المنتخب المصري في استغلال عاملي الأرض والجمهور ليتوج باللقب الغالي للمرة الخامسة في تاريخه وينفرد بالرقم القياسي في عدد الألقاب التي يحرزها أي منتخب في تاريخ هذه البطولة.
ولم يكن مشوار المنتخب المصري سهلًا في البطولة، لكنه نجح في النهاية في حسم اللقب بالتغلب على نظيره الإيفواري بضربات الترجيح (4 - 2) في النهائي، بعد تعادلهما سلبيًا في الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة.
وعلى الرغم من خروج المنتخب الكاميروني مبكرًا من البطولة، بالهزيمة أمام كوت ديفوار (11 - 12) بضربات الترجيح، بعد تعادلهما سلبيًا في الوقت الأصلي، و(1 - 1) في الوقت الإضافي، توج الكاميروني صامويل إيتو بلقب هداف البطولة برصيد خمسة أهداف.
النسخة السادسة والعشرون عام 2008 بغانا:
استضافت غانا النسخة السادسة والعشرين مطلع عام 2008، لتكون المرة الرابعة التي تستضيف فيها البطولة على مدار تاريخها، والمرة الثانية في غضون ثماني سنوات فقط، حيث استضافت بطولة عام 2000 بالتنظيم المشترك مع نيجيريا.
وسعى منتخب غانا المعروف بلقب “النجوم السوداء” إلى إحراز اللقب الذي غاب عن الفريق منذ عام 1982، والذي أحرز خلاله الفريق اللقب للمرة الرابعة ليكون أول فريق يفوز بهذا العدد من ألقاب البطولة قبل أن يعادله المنتخبان المصري والكاميروني.
ولكن المنتخب المصري، الذي انفرد بالرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب، عندما توج به في بطولة عام 2006، كان عند حسن ظن جماهيره ونجح في الدفاع عن لقبه بجدارة، بعدما أبهر جميع المتابعين للبطولة بعروضه الرائعة.
واستهل أحفاد الفراعنة مسيرتهم في البطولة بفوز كبير (4 - 2) على أسود الكاميرون، ثم أكملوا مشوارهم بنجاح وخطفوا الأضواء من الجميع عندما تغلبوا على أفيال كوت ديفوار (4 – 1) في قبل النهائي، ثم اختتموا مسيرتهم بالفوز مجددًا على الكاميرون (1 – 0) في النهائي، على الرغم من وفرة النجوم المحترفين بأكبر الأندية الأوروبية في صفوف منتخبي كوت ديفوار والكاميرون.
وعلى الرغم من وجود هؤلاء النجوم، ومنهم الإيفواري ديدييه دروجبا مهاجم تشيلسي الإنجليزي والكاميروني صامويل إيتو مهاجم برشلونة الإسباني في ذلك الوقت والغاني مايكل إيسيان لاعب خط وسط تشيلسي، خطف اللاعب المصري حسني عبد ربه لقب أفضل لاعب في البطولة.
واعتلى إيتو قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف وذلك للبطولة الثانية على التوالي.
النسخة السابعة والعشرون عام 2010 بأنجولا:
انضمت أنجولا إلى سجل الدول المضيفة للبطولة باستضافة كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين في مطلع عام 2010، وحاول منتخبها المنافسة بقوة في هذه البطولة بقيادة مديره الفني البرتغالي مانويل جوزيه، الذي حقق قبلها العديد من الإنجازات التاريخية مع الأهلي المصري.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث خرج المنتخب الأنجولي صفر اليدين من دور الثمانية بالهزيمة أمام نظيره الغاني، الذي شق بعد ذلك طريقه بنجاح إلى النهائي رغم عنصر الشباب الغالب على صفوف الفريق.
وفي المقابل، نجح أحفاد الفراعنة مجددًا في تعويض إخفاقهم في تصفيات كأس العالم 2010، من خلال التتويج بلقب البطولة، مثلما فعلوا في بطولة 2006 بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات المونديال.
وبدأ المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ثمين على نظيره النيجيري (3 - 1) في لقاء قمة مبكر، قبل الفوز على موزمبيق (2 – 0)، وعلى بنين بالنتيجة نفسها.
وواصل أبناء النيل تألقهم في الأدوار التالية ففازوا على أسود الكاميرون (3 - 1) في الوقت الإضافي لمباراتهما بدور الثمانية، والتي انتهى وقتها الأصلي بالتعادل (1 – 1)، ثم على الجزائر (4 – 0) في مباراة ثأرية، بعد الخروج أمام الجزائر من تصفيات مونديال 2010.
واستغل المصريون خبرتهم الكبيرة في التغلب على المنتخب الغاني الشاب في المباراة النهائية بهدف نظيف سجله محمد ناجي جدو، الذي لقب بـ”البديل السوبر”، كما انفرد بصدارة قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف، بينما فاز زميله المخضرم أحمد حسن قائد الفريق بلقب أفضل لاعب في البطولة.
(د ب أ)