أمم إفريقيا: نجاحات وإخفاقات في دور المجموعات

اختتمت يوم الثلاثاء منافسات دور المجموعات لبطولة كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم، المقامة في مصر حتى 19 تموز/يوليو، باكتمال عقد ثمن النهائي مع 16 منتخبًا ستواصل التنافس على لقب النسخة الأكبر من البطولة.

وشهدت منافسات البطولة التي يشارك فيها للمرة الأولى 24 منتخبًا، بدلًا من 16، محطات نجاح وإخفاق، في ما يأتي عرض لأبرزها:

يعول نحو 100 مليون مصري على النجم محمد صلاح لقيادة المنتخب إلى تعزيز رقمه القياسي، وإحراز اللقب للمرة الثامنة في تاريخه والأولى منذ 2010.

وإقامة البطولة على أرض الفراعنة عززت الآمال بقدرة المنتخب على رفع الكأس، بعدما قام بذلك ثلاث مرات في الاستضافات الأربع السابقة، وإسعاد المصريين بعد مشاركة مخيبة في نهائيات مونديال روسيا 2018.

وفي المباراة الافتتاحية ضد زيمبابوي (1 – 0)، بدا صلاح دون المستوى الذي قدمه مع فريقه ليفربول الإنكليزي في الموسم المنصرم وتوجه بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا، قبل نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق منافسات البطولة الإفريقية.

وكان صلاح أفضل، وسجل مرتين في المباراتين التاليتين، ضد الكونغو الديموقراطية وأوغندا (فوزان بالنتيجة ذاتها 2 – 0)، لكن الاسمين اللذين برزا في صفوف المنتخب في المباريات الثلاث، كانا الجناح محمود حسن “تريزيغيه” والظهير الأيمن القائد أحمد المحمدي.

وحرك تريزيغيه لاعب قاسم باشا التركي، الهجوم في ظل ضعف مساهمة رأس الحربة مروان محسن، وإصابة أحمد حسن “كوكا” بعد دقائق من بدئه المباراة الثالثة كأساسي، وسجل الجناح الأيسر هدف المباراة الأولى بمجهود فردي، ومنح صلاح تمريرة حاسمة رائعة افتتح على أثرها سجله التهديفي في المباراة الثانية، وكرر السيناريو في المباراة الثالثة مطلقًا لاعب ليفربول في انفراد، تصدى له ببسالة حارس أوغندا دينيس أونيانغو.

وسجل المحمدي هدفًا في كل من المباراتين الثانية والثالثة، في دور هجومي متزايد عزاه اللاعب الذي ساهم بعودة فريقه أستون فيلا إلى مصاف الدوري الإنكليزي الممتاز، إلى الفلسفة الهجومية، للمدرب المكسيكي للمنتخب، خافيير أغيري.

وفرضت منتخبات شمال القارة نفسها الرقم الأصعب في الدور الأول. مصر والمغرب والجزائر، حيث تأهلت الى ثمن النهائي بقاسم مشترك، وهو العلامة الكاملة من ثلاثة انتصارات في ثلاث مباريات، وشباك نظيفة لكل من محمد الشناوي (مصر)، ياسين بونو ومنير الكجوي (المغرب)، ورايس مبولحي (الجزائر).

وعلى صعيد التهديف، كان المغرب بقيادة المدرب الفرنسي هيرفيه رونار الأكثر تحفظًا بين المنتخبات الثلاثة، واكتفى بهدف في كل مباراة، لكن ما يشفع لأسود الأطلس هو خوضهم منافسات “مجموعة الموت” الرابعة ضد ساحل العاج وجنوب إفريقيا وناميبيا.

وفي المقابل، أطلق المدرب الجزائري جمال بلماضي رباعيًا استثنائيًا في المقدمة، يتمثل برياض محرز وسفيان فغولي ويوسف البلايلي وبغداد بونجاح، في أداء مهيمن لقي إشادة رئيس الاتحاد المصري هاني أبو ريدة، يوم الثلاثاء، باعتباره أن الجزائر هي الوحيدة التي تشارك بـ”فريقين” متساويين، في إشارة الى دكة بدلاء توازي فعاليتها الأساسيين، بعد الفوز على تنزانيا (3 – 0) في الجولة الثالثة، في مباراة أجرى فيها بلماضي تسعة تغييرات.

وما تزال علامة الاستفهام الأكبر تحيط بتونس، وهو المنتخب الأفضل تصنيفًا على المستوى الإفريقي بين المنتخبات العربية، حيث أنه تأهل إلى ثمن النهائي بشق النفس، بثلاث نقاط فقط من ثلاثة تعادلات.

وقالها القائد العائد يوسف المساكني بعد التعادل السلبي ضد موريتانيا، الوافدة الجديدة، يوم الثلاثاء: “إن شاء الله ترجع لنا الروح”، مضيفًا “لسنا راضين عن الأداء… ثمة أمور سنعمل على إصلاحها”.

وحجزت مدغشقر مكانها في صدارة المجموعة الثانية، في مشاركتها الأولى، على حساب أوزان إفريقية مثل نيجيريا المتوجة ثلاث مرات، وغينيا وصيفة 1976.

وخرج منتخب مدغشقر، صاحب المركز 108 عالميًا (أي أدنى من منتخبات لم تتمكن حتى من التأهل الى البطولة)، متفوقًا في مجموعته بمفاجأة كبرى على حساب نيجيريا (2 – 0)، وبوروندي (1 – 0)، وتعادل مع غينيا (2 – 2)، ويستعد لملاقاة جمهورية الكونغو الديموقراطية في الدور ثمن النهائي لمواصلة المغامرة.

ودخل منتخب ساحل العاج المنافسة كأحد المرشحين للذهاب بعيدًا وإحراز لقبه الثالث بعد 1992 و2015، بقيادة المدرب إبراهيم كامارا، تلميذ هيرفيه رونار الذي قاد “الفيلة” إلى لقبهم الأخير في البطولة القارية.

لكن التلميذ في التشكيلة العاجية بدا أنه نيكولا بيبي، لاعب نادي ليل الفرنسي البالغ من العمر 24 عامًا، والذي سجل 22 هدفًا في منافسات الدوري الفرنسي في الموسم المنصرم، وحل ثانيًا في ترتيب الهدافين خلف نجم باريس سان جرمان كيليان مبابي (سجل 33).

والمفارقة أن العاجيين قدموا أفضل أداء لهم في مباراة غاب عنها بيبي، أي في الجولة الثالثة للمجموعة الرابعة ضد ناميبيا (4 – 1).

وبالنسبة إلى كامارا، على بيبي وغيره أن “يتعلموا” أن أمم إفريقيا “أصعب بكثير مما يعتقدون”، وموعد الدرس الجديد سيكون ضد مالي، يوم الإثنين، في مواجهة منتخب تأهل متصدرًا للمجموعة الخامسة على حساب تونس وأنغولا وموريتانيا.

ولاعب آخر بدا أنه لم يتخط سن المراهقة هو عمر وردة، فالشاب المصري البالغ من العمر 25 عامًا جلس على مقاعد البدلاء في المباراة الافتتاحية، لكنه يحتل عناوين وسائل الإعلام منذ بدء البطولة.

وأثار وردة ضجة مع زملاء آخرين في ما عرف بقضية “التحرش” بعارضة أزياء عبر مواقع التواصل، تبعها انتشار شريط فاضح له متحدثًا مع شابة أخرى عبر خدمة اتصال بالفيديو.

وأصدر أبو ريدة، المشرف العام على المنتخب، قرارًا باستبعاده، عاد عنه بعد يومين بعد “تكاتف” اللاعبين، ليسمح بعودته للتشكيلة بدءا من ثمن النهائي ضد جنوب إفريقيا، يوم السبت.

وقال رئيس الاتحاد المصري، يوم الثلاثاء، إن العقوبة كانت خطوة على درب “الإصلاح” للاعب عرفه المصريون بفضائحه وإثارته للجدل أكثر مما رأوه منه على المستطيل الأخضر.

ودفاع اللاعبين عنه، لا سيما محمد صلاح، أثار انقسامًا في صفوف المشجعين وانتقادات لحاملي القميص الأحمر.

وتقام البطولة القارية للمرة الأولى خلال فصل الصيف، بعدما قرر الاتحاد الإفريقي (كاف) نقلها الى نهاية الموسم الكروي، لا سيما في أوروبا، لتفادي الاعتراضات على تحرير اللاعبين في خضم منافسات الأندية.

والتوقيت الجديد، انعكس سلبًا على اللاعبين الذين باتوا يضطرون لخوض مباريات في ظل درجات حرارة تتخطى أحيانًا 35 درجة مئوية.

وانتقد بعض المدربين، لا سيما رونار، عدم اعتماد الحكام معيارًا موحدًا في استراحات شرب المياه خلال المباريات، ما كان له أثر سلبي على اللاعبين، لا سيما في المباريات التي كانت تقام في فترة بعد الظهر.

إلى ذلك، أشاد مدربون آخرون، بينهم الهولندي كلارنس سيدورف (الكاميرون)ـ بنوعية العشب في الملاعب المصرية المضيفة، على عكس الشكاوي التي كان يبديها لاعبون ومدربون في بطولات قارية سابقة.

(أ ف ب)